تحذير ترسله إلى «جوبا» الحكومة السودانية في مناخ انتصار قواتها «الجيش» و«الدعم السريع» وهو أحد روافده على بعض الحركات المتمردة في دارفور بعد أن تحرك المتمردون من عمق دولة جنوب السودان مدعومين منها ومن جارتها يوغندا وبالطبع إسرائيل التي تدعم المتمردين في دول العالم الإسلامي من الحصة المالية النقدية والعينية التي تأتيها باستمرار من الموازنة الأمريكية. فإسرائيل دولة عبور مالي بين واشنطن والحركات المتمردة في إفريقيا وآسيا وذلك منذ بداية تمرد مجموعة مصطفى البرزاني الكردية العنصرية ضد ما تعتبره النظام العربي في بغداد. وها هي الآن كردستان بفضل الجهود اليهودية تستقل عن بغداد العاصمة العربية وتكتفي بأربيل عاصمة لها، لكن لا ننسى أن التسمية العنصرية لحزب البعث العربي الاشتراكي قد غذّت موقف مجموعة البرزاني بالتأييد وسط الأكراد. حركة العدل والمساواة المتمردة إذا كانت تماماً تتحرك بمشاعر مثل مشاعر مجموعة مصطفى البرزاني التي يمثلها الآن ابنه وخليفته مسعود البرازني، فإن الخرطوم ليست في كل العهود مثل بغداد أيام حلم «حزب البحث العربي الاشتراكي».. وعلى الأقل بعد يوم 12 ديسمبر 1999م وهو يوم صدور قرارات الرابع من رمضان الشهيرة التي حلّت المجلس الوطني «المعين» وليس «المنتخب».. وقد كان يرأسه الترابي في مرحلة حكومة الإنقاذ الوطني الأولى.. لكن شعر الناس وقتها بالحاجة إلى الإنقاذ من ذلك المجلس الوطني «المعين» الذي راح يتحدث عن انتخاب الولاة على لسان رئيسه «المعين». وكانت الصورة تلك أن «باب النجار مخلع». وقادة حركة العدل والمساواة الأوائل هم شخصيات سياسية تدربوا على العمل التنظيمي في الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني واستفاد منهم فيما بعد «بعد قرارات الرابع من رمضان» الحزب الجديد المنشق من المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية حزب المؤتمر الشعبي بقيادة حسن الترابي، وهم في السنوات الأولى كانت المصادر الرسمية وغير الرسمية وتحليلات المراقبين تعتبرهم في حركة العدل والمساواة المتمردة الجناح العسكري لحزب الترابي. لكن الآن هذه الحقيقة قد تلاشت بعد أن انشق منها وقتل أهم القادة المؤسسين واتجهت للتعاون مع «ابن العمومة» أركو مني مناوي وحركته «حركة تحرير السودان».. وبإحدى طرق «العودة».. سار المؤتمر الشعبي بخطوات ثابتة نحو الحوار الوطني ولم يغضب شديداً من إجراء الانتخابات في موعدها الدستوري رغم أن هذا يفوت عليه جني الامتيازات التي تكون في أجواء سياسية غير شرعية بعد أن تنتهي ولاية الرئيس الحالية، وهي الولاية الأولى بعد عملية التحوّل الديمقراطي الكامل. إذن ما عادت حركة العدل والمساواة بعد الخطوات الأولى للمصالحة بين البشير والترابي، وبعد التعاون المشترك بين خليل ومناوي، ما عادت هي الجناح العسكري لحزب الترابي، فقد أصبح جبريل إبراهيم مثل مسعود البرزاني وأصبح مناوي مثل جلال طالباني، قضيتهما قضية فئة معينة من الناس في إقليم معين. أما جوبا التي توفر المنطلقات الحربية المدعومة للتمرد، فإننا يمكننا القول إنها الآن أصبحت مثل بغداد. فأبناء أعالي النيل يحاربونها بشراسة مثلما يحارب أهل المناطق السنية وطليعتهم «داعش» حكومة الشيعة الطائفية في بغداد. وإذا كانت هناك إيران تدعم حكومة بغداد. فهنا يوغندا تدعم حكومة جوبا. وإذا كان هناك وجود أمريكي يبارك الدعم الإيراني لبغداد «المحتلة طائفياً» وهي سنية. فإن هنا الوجود والنفوذ الإسرائيلي يبارك ويشجع دعم يوغندا لجوبا التي تحكمها مجموعة قبلية معروفة مع إنها مدينة إستوائية.
إذن دولة جنوب السودان تبقى هي دولة الفوضى والعبث ومعسكرات الإرهاب، فوضى تحدثها القوات اليوغندية وهي تقتل أبناء النوير لصالح حكومة سلفا كير، وعبث إسرائيلي بموارد أبناء الجنوب ومعسكرات ينطلق منها الإرهاب إلى القرى والمدن السودانية. ما الفرق الآن بين جنوب السودان والعراق؟! هناك أمريكا وإيران، وهنا إسرائيل ويوغندا. هناك أكراد يحمون استقلال إقليمهم. وهنا نوير يريدون استقلال إقليمهم أعالي النيل. هناك «داعش» وهنا الجيش الشعبي والجبهة الثورية يتمددان عبر حدود 1/ 1/ 1956م.
الآن، انتهى تمرد حركة جبريل تماماً بعد أن زالت فيها صفة «الجناح العسكري للمؤتمر الشعبي». انكسر ظهرها الذي أسندته إلى حائط الحركة الشعبية المائل. بقيت قوات مناوي التي اتجهت إلى ليبيا، فهل ستبقي صيداً هناك لقوات فجر ليبيا أم ستعود لتكون هنا صيداً للجيش والدعم السريع؟!
تعليقات
إرسال تعليق