هل تقودنا انتخابات 2015م للدولة المثالية؟!

بقلم: فتح الرحمن النحاس 
في مرة من المرات وصف قيادي شيوعي كبير صحافة الديمقراطية السابقة، بأنها "صحافة تشاشة"، وقال غاضباً بأن الصحافة لا تنقل أخبار حزبه كما يريد الحزب، ونسي أو تناسي ذلك القيادي أن الصحافة التي عناها كانت "مستقلة" لا تخضع لحزب ولا لحكومة.
القيادي الشيوعي أن الصحافة التي عناها كانت "مستقلة" لا تخضع لحزب ولا لحكومة. 
القيادي الشيوعي كان يكثر من الحديث  حول "الديمقراطية" والتبادل السلمي الديمقراطي للسلطة وكان ينادي بحرية الصحافة!!
وقيادي يساري آخر كال" الشتائم" لأحدي الصحف "المستقلة" حينذاك حينما رفضت أن "تطبل" لحزبه في الانتخابات رغم أن الصحيفة أتاحت لحزبه مساحات "مقدرة" للتعبير عن رأيه!!
كانت تلك هي الديمقراطية في مفهوم هؤلاء حينما أرادوا أدواتها التعبيرية أن تكون خالصة لهم دون الآخرين، أو علي الأقل يكون لهم نصيب الأسد من صفحاتها!!
في مطار الخرطوم حطت "طائرة ضخمة" جاءت من دولة عربية وكان الهدف من الرحلة نقل شباب من "الأولاد والبنات" لدخول "معسكرات" في تلك الدولة ليتلقوا "تدريبات" محددة في أشياء غير مفهومة ولا معلومة. 
ما هو مثير للغرابة أن سلطات المطار اكتشفت أن أكثر من "60" شاباً وشابة جاءوا للمطار للسفر  علي متن الطائرة وليس في حوزتهم جوازات سفر أو "تأشيرات" دخول وخروج فما كان من سلطات المطار إلا أن منعتهم وطردتهم من أرض المطار، فهدد أحد منظمي الرحلة "بنسف" المطار وتدميره!!
كان ذلك شكل  الديمقراطية التي أرادوها.
ملفات الأمن تحكي الكثير و"المثير" عن انفلاتات الأمن وذاكرة المواطن لا تزال تختزن تلك المشاهد الباكية!!
التوقف التام لعجلة التنمية و"الشلل" الكبير في موافق الدولة العامة بسبب لإضرابات عن العمل التي وصل عددها لأكثر من "65" إضراباً، كانت هي "هدية" عشاق الديمقراطية لشعب السودان الذي فجر انتفاضة ابريل 1985م!!
كانت ديمقراطية "للكلام" فقط أما العمل العام فقد دخل في إجازة مفتوحة وهتف "أدعاء" الثورات فوق شوارع الخرطوم "عائد عائد يا أكتوبر خلي الصادق يرجع كوبر"!!
وهتف آخرون "عائد.. عائد يا نميري"!!
ماتت الديمقراطية الأولي وأختها الثانية ثم أختها الثالثة لأن الأحزاب كانت "أقل" من "قامة الشعب" صانع الثورات!!
عيوب لا تخفي علي أحد.. ومن عجب أن يكون قادة الديمقراطية من السياسيين في حالة "فقر" لمقومات الأداء الديمقراطي السليم. 
وأن يغيب عن أذهانهم أنه ليس بالديمقراطية وحدها يحيا الشعب!!
الأنظمة العسكرية المتعاقبة نالت نصيبها من "الأخطاء الفادحة" لكنها تميزت بتيسير عجلة التنمية وتوفير الأمن ولولا "تسلق الفاسدين" لجدرانها ودخولهم في مفاصل الدولة بنية "الكسب الخاص" لنالت الحكومات العسكرية "نسبة عالية" من النجاح!!
أنظمة ديمقراطية متعاقبة جاءت "بالجدب" وغادرت له تحت دبابات العسكر.. وأنظمة عسكرية تلوثت بالفاسدين والنفعيين فخسرت "الفرصة الذهبية" لكتابة تاريخ أبيض ناصع!!
الآن نحن في مرحلة "انتقال" أخري إن لم تجئ مختلفة، نكون قد أضعنا "زمناً جديداً" غالياً من عمر السودان!!
نريده تغييراً أو انعطافاً مشرفاً نحو دولة الأمن الخبز والحرية والتنمية والاستقرار..
نريدها دولة الكفاءات والخبرات والنزاهة.
نريدها دولة المواطنة القائمة علي دين الأمة وتاريخها المجيد والمحروسة بجيش ضارب لا يساوم في سيادة البلد!!
إنها الدولة المثالية نرجوها بعد الانتخابات وكفانا ضياع زمن غال في صراع السياسة وأحلام السياسيين!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة