الحركات الدارفورية المسلحة.. ملف تحت التصفية للمرحلة المقبلة!

الحركات الدارفورية المسلحة التى تقاتل الآن في صفوف القوات الحكومية الجنوبية في دولة جنوب السودان وتقتات على الصراع الجنوبي الجنوبي لم تنتبه حتى الآن لنقطة محورية خطيرة ومهمة وهي أن مثل هذه الصراعات المسلحة ومهما كانت قدرات كل طرف  ليس من المتصور أن تحسم عسكرياً لصالح طرف. كما ان كل طرف من الممكن ان تنسلخ عنه أطراف جديدة، بحيث يتحول الميدان، تماماً كما حدث بالنسبة لهذه الحركات الى مجموعة من الحركات المسلحة تارة تقاتل بعضها و تارة تقاتل السلطة الحاكمة! في مثل هذه الحالات التى بدأت بالفعل تظهر بوضوح في الميدان الجنوبي فإن أي طرف أجنبي خاسر لا محالة لأنه وببساطة شديدة غير معني بالصراع. 
النقطة الثانية ان المجموعات الجنوبية التى بدأت تتكاثر مؤخراً سوف تفكر دون شك في إخلاء الميدان تماماً من الحركات الاجنبية وهذا الامر ربما يمثل مصيراً مهلكاً لهذه الحركات، خاصة وأن هناك عناصر جنوبية بدأت بالفعل تدرس الكيفية التى على أساسها يتم إجلاء الحركات الدارفورية من الميدان الجنوبي وإرغامها على دفع الثمن فيما يتصل بالمجازر البشعة التى ارتكبتها في ولاية الوحدة وجرائم الاغتصاب و نهب الأموال وهي جراءم -بحسب مصادر جنوبية تحدثت إلينا- تم توثيقها بعناية توطئة لملاحقة المسئولين عنها في حركتي مناوي وجبريل ابراهيم.
النقطة الثالثة، حال توصل طرفيّ النزاع الرئيسيين -كير ومشار- الى اتفاق سلام ينهي الصراع، وبالطبع فإن من المؤكد ان دور هذه الحركات يكون قد انتهى، و بالطبع من المستحيل تماماً ان يتم دعم هذه الحركات -من جديد- للقيام بأعمال معادية ضد السودان ليس فقط لأن الطرف الجنوبي في ذلك الوقت يكون مثقلاً بالإلتزامات المحلية والإقليمية والدولية جراء الاتفاق ولكن لأن الطرف الآخر -جانب رياك مشار- سوف يبدي اعتراضاً عملياً قوياً على وجود هذه الحركات المسلحة في الارض الجنوبية، بل لا نغالي إن قلنا ان أي اتفاق سلام يتم التوصل اليه بين الفرقاء الجنوبيين سوف يتضمن بالضرورة شروطاً تنص صراحة على تصفية الوجود الدارفوري المسلح على ارض الجنوب. ولأن مجموعة مشار أدركت خطورة الدور القذر لهذه الحركات، فإن من المستحيل ان توافق على دعمها لشن هجمات داخل السودان. 
هذا السيناريو وإن بدا لبعض قادة هذه الحركات بعيداً بدرجة ما، إلا أنه راجح خاصة اذا أدركنا أن التقارب السوداني الامريكي الاخير من المؤكد ان تكون واحدة من أهم ركائزه المهمة إيجاد حل سلمي –بوساطة سودانية– للصراع الجنوبي الجنوبي. فالولايات المتحدة تدرك في قرارة نفسها -وبعمق بالغ- ان السودان بإمكانه لعب دور محوري حاسم فى إنهاء الصراع الجنوبي بحكم الخبرة وبحكم كونه الدولة الام وقربه الشديد من طرفي النزاع. 
و من المؤكد ان دخول السودان كوسيط فاعل يحتم بالمقابل إخراج كافة الحركات السودانية المسلحة من المعادلة تماماً. وأخيراً فإن المنطقة بلا ادنى شك تجري فيها ترتيبات حتى وأن كانت غير معلنة لمواجهة خطر داعش وبوكو حرام، وهذه الترتيبات تقتضي ان يؤدي السودان -باعتباره جسراً مهماً- دوراً حيوياً فاعلاً في القضاء على خطر هذه الحركات المتطرفة، وهذا بالضرورة يجعل من ملف الحركات المسلحة ملفاً قيد التصفية ولعل في هذه النقطة بالذات يكمن سر الوعد الذي بذله الرئيس اليوغندي موسيفيني لنائب الرئيس السوداني، حسبو محمد عبد الرحمن، لدى إلتقائهما فى كمبالا مؤخراً بطرد الحركات السودانية المسلحة، إذ ان الرئيس موسيفيني على اية حال جرت إحاطته بطبيعة سيناريو المرحلة المقبلة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة