سد النهضة ثلاثى الابعاد

يوقع قادة البلدان الثلاثة السودان وإثيوبيا في الثالث والعشرين من الشهر الجاري بالخرطوم على اتفاقية سد النهضة، وهي حدث تاريخي في هذا الجزء من القارة الإفريقية ولصالح شعوب المنطقة التي ستجد أن التعاون والتضامن والعمل المشترك هو التعويض الوحيد عما فاتها خلال السنوات الماضية، وأنه أفضل ألف مرة من روح الاختلاف التي لم ينتج عنها إلا التخلف والسير على هامش الدروب والطرق، بينما الأمم والشعوب المتوافقة تنطلق وتعمل وتبني وتعمر وتصنع مستقبلها حين تكون فرص البناء والتعاون مواتية ورياحها تهب من كل جانب.

> وطبقاً لما يقوله الخبراء وأهل الاختصاص، فإن سد النهضة الذي أنشئ بغرض التوليد المائي للكهرباء سيدفع عجلة التنمية والنهضة في البلدان الثلاثة، بتوفيره الطاقة واستقرار مناسيب النيل وتهيئة كل الظروف الملائمة في بلدان الممر والمصب للتوسع في مجالات الإنتاج مما يسهم في تنشيط حركة التجارة والتبادل السلعي وتسويق المنتجات الزراعية وتكامل الموارد.

> ويبدو أن قادة البلدان الثلاثة، قد توصلوا إلى أهمية بذر بذرة التعاون الخلاَّق، وصناعة واقع جديد تستفيد منه شعوب المنطقة كلها، حيث ينتظر بتحقيق الاستقرار المائي وطي كل الملفات الخلافية، أن تتحقق معدلات كبيرة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويستفيد الجميع من القدرات المتنوعة، فمصر تمتلك الخبرة واليد العاملة وكذلك إثيوبيا مع تمتعها بمورد الطاقة، حيث يتوقع أن تنتج بحلول عام 2030م ستين ألف ميقاوات من الكهرباء، والسودان يمتلك الأراضي الخصيبة والموارد الأخرى، وهذا إذا تم دمجه وتعززت روح التكامل، سيظهر عملاق اقتصادي ضخم في البلدان الثلاثة، فوجود سوق ضخم قوامه ما يقارب مئتين وخمسين مليون نسمة في السودان ومصر وإثيوبيا، سيكون له أثر لا يعرف حده ومداه في الجوار القريب للبلدان الثلاثة، فمع توافر شبكات الطرق القارية والربط الكهربائي، ستزدهر الصناعة بمختلف ضروبها والإنتاج الزراعي والحيواني والخدمات، وستكون المنطقة بأسرها نمراً إفريقياً على غرار النمور الآسيوية.

> فالإرادات السياسية تبدو حاضرة بقوة في هذه اللحظة التي يتوافق فيها الجميع على بناء مستقبل زاهر للأجيال القادمة والحالية، وهذا يتطلب الكثير من التوافق والحرص على تجسيد الشعارات والرؤى وبلورتها في مشروعات نهضوية ضخمة تكون لها انعكاساتها الإيجابية في ظروف ولحظات تاريخية حرجة للغاية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة