تحريض «الصادق» لابنه

إذا سألنا السيد الصادق المهدي بعد ان حرض ابنه عبد الرحمن مساعد رئيس الجمهورية على الاستقالة من الحكومة التي ظل يمثلها في مناشط رسمية مستمرة تحت الأضواء تزيد من تلميعه وشهرته لتطغى على شهرة آبائه أحمد المهدي ومبارك المهدي والدكتور الصادق الإمام الهادي المهدي باعتباره ولى عهد زعامة الأنصار حسب المخطط الأسري بعد مرحلة الظهور الإعلامي الطاغي، والمؤهل لهذا الميراث الطائفي، إذا سألناه لماذا اختارت الحكومة ابنه عبد الرحمن في هذا المنصب؟!٭ طبعاً الاجابة الحكومية هي من اجل السلام والاستقرار السياسي في البلاد لصالح إنجاح عملية التحوّل الديمقراطي التي كانت هي الحسنة الثانية مع منح تقرير المصير للجنوبيين في اتفاقية نيفاشا، وطبعاً تقرير المصير نفسه بإجراء استفتاء يبقى عملاًَ جيداً من جنس الديمقراطية ذاتها.لكن لكي تثمر هذه الخطوة الحكومية في تعيين «عبد الرحمن» كان لا بد ان يكون ممثلاً  لحزب الأمة القومي بوضوح مثل نجل محمد عثمان الميرغني الذي يمثل الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بقيادة والده.وهذا لم يحدث على السطح طبعاً على الأقل. ولذلك لم تجن الحكومة ثمرة هذا «التعيين»، وإذا كان بقية مساعدي الرئيس وعلى رأسهم غندور يمثلون أحزابهم وهي «المؤتمر الوطني والاتحادي الديمقراطي الأصلي والاتحادي الديمقراطي الفرع ومؤتمر البجا»، فإن السؤال المطروح هنا وربما غير هنا هو من يمثلهم ابن الصادق المهدي، وما هو الحزب او الكيان الذي يمثله اذا كان المعلن هو قطع علاقته بحزب والده، وبعد ذلك تحريض والده على الاستقالة من الحكومة؟!ثم لماذا يحرضه وهو لا يمثل حزب الأمة القومي الذي يتزعمه؟! فهل حرّض معه موسى محمد أحمد أو نجل الميرغني أو الدقير؟!.. ودعك من غندور.. فالتحريض على الاستقالة من حكومته. لكن هنا نستطيع بسهولة استنتاج الصورة الحقيقية لعلاقة حزب الأمة القومي بالحكومة.فهي إما أنها علاقة تضليلية يُراد بها تضليل الأنصار وقواعد حزب الأمة وخصوم الحكومة حينما يعلن الصادق معارضته القاسية للحكومة ويحرض ابنه «المفترض تخليه عن حزب الأمة القومي وعدم علاقته به كما أُعلن من قبل».. فهذا يعني أنه تدخل «أسرياً» في تعيين ابنه.. وليس طبعاً تنظيمياً أو «حلفياً» نسبة الى تحالف المعارضة. والسؤال هنا لماذا قبلت الأسرة ابتداءً تعيينه بعد أن رافق والده للقاء الرئيس البشير أكثر من مرة.. والآن في أجواء لقاءات والده بقادة الجبهة الثورية والتوقيع معها على إعلان المبادئ يحرضه على الاستقالة من المنصب؟!الشارع السوداني يريد أن يفهم موقفاً واضحاً وثابتاً لحزب الأمة القومي حتى يثق في مشاركته في العمل العام مع بقية القوى السياسية في الساحة.إن نجل الصادق المهدي على الأقل اذا انضم الى واحد من اجنحة الحزب التي تعددت بعد انشقاق جناح مبارك المهدي، يمكن أن نضع تحريض والده له بالاستقالة في سياق الجهود الرامية لإعادة توحيد حزب الأمة كما كان قبل انشقاق مجموعة مبارك.لكن الآن في أي سياق يمكننا وضع هذا التحريض؟ هل في سياق التضليل السياسي للأنصار وأعضاء الحزب وخصوم الحكومة؟!إن الصادق المهدي لا ينبغي أن يقود حملة تحريض بالحق أو بالباطل بالصدق او بالكذب على استقالة  ابنه من الحكومة، إذا لم تشمل الحملة بقية مساعدي الرئيس ما عدا غندور طبعاً.والحكومة نفسها ينبغي أن تجيب على هذا السؤال آنف الذكر، وهو من يمثله وما يمثله نجل الصادق المهدي في الحكومة؟! هل يمثل جناحاً منشقاً من جماعة مبارك؟! أو من حزب الأمة القومي نفسه؟! .. هل يمثل جيش الأمة المحلول وبذلك يكون تعيينه مثل تعيين مناوي من قبل؟! أم أن الحكومة «راقدة فوق رأي» وتمد حبل الصبر لمستقبل سياسي لصالحها؟! أم أن مسرحية خصومة الصادق للحكومة حقيقية بخلاف مسرحية المفاصلة؟!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة