المعارضة ... هل من طحين؟!

بقلم/ محمد عبد القادر
البرنامج المعلن من قبل المعارضة لمقاطعة الانتخابات من شأنه إحداث توتر في المشهد العام ودفع البلاد إلى نفق أزمة جديدة لا طائل منها إن استطاعت القوى المعارضة أن تنجز وعدها للشعب السوداني ولو مرة واحدة، غير إني أشك في ذلك من واقع تجارب سابقة.
من الواضح أن هنالك جهات تسعي لإحراج المعارضة وهي تنصحها ببرامج أكبر من طاقتها وتصميمها وقدرتها على الفعل والمواجهة.
بعيداً عن التقليل من شأن المعارضة، أثبتت التجارب أنها تعلن عن سقوفات ضخمة يأتي عائد تنفيذها ضئيلاً بالقدر الذي يحرجها مستقبلاً ولا يجعل من كلمتها مسموعة لدي المواطنين.
أعلنت المعارضة عن مناهضتها لكثير من القوانين ولم تنجح الحملات التي تبنتها في هذا الصدد، حددت من قبل 100 يوم لإسقاط النظام الذي مازال يحكم حتى اليوم، وتواعدت على أن تلتقي في أبو جنزير من قبل لقيادة التظاهر ضد الحكومة، يومها جاء الراحل محمد إبراهيم نقد سكرتير الحزب الشيوعي رحمه الله وكتب على ظهر كرتونة عبارته الشهيرة "حضرنا ولم نجدكم"..!
واليوم تعلن القوى السياسية تدشين انتخابات موازية وحملة للمقاطعة وهي تعلم أن 13 مليون ناخب سجلوا أسماءهم لدي مفوضية الانتخابات، ومن المؤكد أن كل هؤلاء لديهم الرغبة في التصويت، وأنها بما أعلنت من خطوات تختار مواجهة مجموعة مقدرة من سكان السودان.
المنطق يقول إن خطوة المعارضة تأخرت كثيراً كان بالإمكان أن تدشن هذه الحملة على أيام السجل الانتخابي الذي يبشر وفقاً لأية قراءات بمشاركة كبيرة في العملية الانتخابية، ستوفر المعارضة للمؤتمر الوطني فرصة للفوز مرتين الأولي بالانتخابات، والثانية بهزيمة مخطط المعارضة لحمل المواطنين على عدم التصويت، فالمعركة خاسرة لأن المقتنعين بالتصويت أصبحوا مجموعة تمثل ثلث سكان السودان، ولا أعتقد أن جميعهم مؤتمر وطني لأنهم إن كانوا كذلك لما احتاج الحزب لإجراء انتخابات.
نعم فشلت المعارضة في التعامل مع الوضع السياسي الراهن فاختارت عوضاً عن إسقاط الحكومة تخريب المشروعات التي تتبناها وفي مقدمتها العملية الانتخابية، الحملة المعلنة هي ابلغ اعتراف بالانتخابات ولو لم تكن المعارضة على علم بالوضع الذي ستؤسسه في البلاد لما انصرفت إلى تدبيج حملات المقاطعة.
نسأل الله تعالي أن يحفظ البلاد ويعين أبناءها على التعامل مع ظروفها الراهنة بالحرص اللازم لتحقيق الأمن والاستقرار، وفي ظل هذه المواجهة خرجت الشرطة بتحذيرات واضحة أعلنت خلالها أنها ستتعامل بحسم مع محاولات تعكير صفو الانتخابات.
نتمنى أن تتعامل الأجهزة الأمنية بأقصى درجات اليقظة وتقدير الموقف، لأن المواجهة غير المحسوبة ربما تفضي إلى نتائج كارثية على أمن الوطن، ولتعلم المعارضة أنها ستتحمل مسؤولية ما سيحدث من توتر أمني إن هي تحدت القانون.
ومثلما إننا ظللنا نطالب الحكومة بتهيئة أجواء الحوار والإفراج عن المعتقلين السياسيين وترميم البيت الداخلي حفاظاً على الأمن والاستقرار، فإننا نطالب المعارضة كذلك بالحفاظ على أجواء الحوار وتجنب أية ممارسات تنتكس بما بدأ من إجراءات لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة