قوى المعارضة السودانية.. خيبة أمل مباغتة!

قوى المعارضة السودانية.. خيبة أمل مباغتة!

 أصيبت العديد من القوى السودانية المعارضة -ذات الأجندة الايدلوجية الخاصة- بخيبة أمل كبرى جراء التدابير الذكية ذات المهارة العالية التى إتخذتها الحكومة السودانية لنزع فتيل الازمة.
تدابير وقرارات الرئيس السوداني عمر البشير عشية الجمعة الثاني والعشرين من فبراير 2019م، نزعت وعلى نحو مباغت كافة انواع الاسلحة السياسية المشروعة وغير المشروعة التى كانت تمسك بها بعض القوى السودانية المعارضة والتى كانت تتمنى إنفراط العقد وشيوع الفوضى لتنال ما تريده أو يهلك خصومها، ويسقط السودان فى قرار بعيد.
فقد اجرى الرئيس البشير جراحة صعبة فصل خلالها ما بين الدولة ومؤسساتها الرسمية ودواوينها، وبقية القوى السياسية والاحزاب كافة بما في ذلك الحزب الذي ينتمي اليه وكان أحد مؤسسيه! وفي الوقت نفسه أتاح دوراً فاعلاً للمؤسسة العسكرية، باعتبارها حامية الدولة وصمام أمانها لكي تسهم اسهاماً فاعلا في صيانة اركان ودعائم الدولة السودانية.
ومن المؤكد ان هذا الاجراء الذى اوجد مساواة عملية بين المكونات السياسية المختلفة بحيث لا ينفرد أي مكون بأي مزيّة او امتياز، يهيئ أرضية عادلة تماماَ كما قال أحد المحللين الانجليز (Fair Chance فرصة عادلة) لكل لقوى السودانية لكي تخوض أي استحقاق ديمقراطي مقبل إنطلاقاً من (نقطة واحدة)! وهذا هو مبعث خيبة أمل القوى المعارضة، فهي لم تستطع تحقيق هدفها المستحيل باسقاط النظام القائم، رغم كل العمل الذى امتد لما يجاوز الثلاثة اشهر، ورغم الدعم الخارجي والتمويل الاجنبي الرغد وعوضاً عن كل هذا فان الرئيس الذى كانت تطالب بتنحيه واسقاطه، تحول الى حارس وطني ممسك بمقود الدولة السودانية موجها لها فى خضم هائج ورياح عاتية. 
هي دون شك معادلة سياسية مذهلة ولكنها في الوقت نفسه بمثابة ترجمة عملية للذهنية الوطنية السودانية الحقيقية، إذ ان الرئيس البشير عبر هذا التدابير: أولاً، حافظ محافظة تاريخية رائعة على بيضة الدولة السودانية، فلا هي انزلقت الى صراع صارخ ولا فشت فيها الفوضى ولا فقدت امنها وأمانها القومي الباهظ الثمن.
ثانياً، وضع كل الاحزاب والقوى السياسية امام مسئولياتها السياسية والوطنية فهي جميعها الآن متساوية، تقف منها الدولة موقفاً متساوياً ومن مسافة واحدة توطئة لكي تعرض نفسها على الناخبين السودانيين فى الاستحقاق الانتخابي وتتحصل على وزنها الحقيقي لدى الناخب السوداني.
ثالثاً، الرئيس البشير -وهنا تتجلى المهارة- عمل على المحافظة على المشروعية الدستورية للدولة، والمحافظة على الوثيقة الوطنية التى خرجت من رحم الحوار الوطني والمحافظة على على كل وثائق الدولة السودانية الاستراتيجية مثل وثيقة الدوحة الخاصة بسلام دارفور ووثيقة اتفاق الشرق، وكافة الوثائق السياسية التى افضت الى إعادة استقرار الدولة السودانية والتى لم يكن من أحد يعرف كيف كان سيكون مصيرها ومصير السودان لو أن عقد الامن قد إنفرط فى السودان وتحول السودان الى بؤرة صراع دامي بين فرقائه على السلطة!
رابعاً، أثبت الرئيس انه -بالفعل- رئيساً قومياً ولم تتنازعه نفسه فى الانحياز الى حزبه الوطني ولم تنل منه عصبية سياسية وهو بهذا الموقف أرسى سابقة سياسية نادرة فى التاريخ السياسي السوداني كون ان رئيس يضع حداً فاصلاً بينه وبين حزبه لصالح الدولة السودانية.
x

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة