أوامر الطوارئ.. جولة فى النيابات العامة والمحاكم فى السودان!

أوامر الطوارئ.. جولة فى النيابات العامة والمحاكم فى السودان!
 أوامر الطوارئ المستندة الى حالة الطوارئ التى أعلنها الرئيس البشير عبر خطابه عشية الثاني والعشرين من فبراير الماضي والتى يثار حولها الجدل بين النشطاء والفرقاء السياسيين فى السودان، لا تبدو هذه الاوامر مثير للقلق الحقوقي كما قد يصورها البعض؛
فهي كما لمسنا من خلال استقصاء وبحث فى النيابات العامة السودانية والمحاكم فى العاصمة الخرطوم وولايات البلاد استهدفت الممارسات الخاطئة والتى هي منصوص عليها جميعها فى القانون الجنائي السوداني الصادر في 1991وبعض القوانين العقابية الخاصة مثل إرثاة الشغب والتجمهر غير المشروع والاخلال بالامن العام ومعارضة الشرطة والموظفين العموميين وغيرها من المخالفات التى عادة ما لا تخلو محكمة من محاكم السودان فى الاحوال العادية من نظرها.
ومن المهم هنا قبل ايراد احصاءات مستقاة من واقع بحثنا واستقصاءنا ان نشير الى أمرين على قدر كبير من الاهمية الحقوقية، وهما مرتبطان ارتباط جوهري وأساسي بالممارسة القانونية الحقوقية ، أولها ان النيابات الخاصة بالطوارئ والمحاكم هي في واقع الامر نيابات ومحاكم طبيعية وعادية وهي نفسها النيايات العامة والمحاكم التى كانت تمارس عملها قبل فرض الطوارئ ورجالها هم ذات رجالها، الفارق الطفيف هو اعطاء البلاغات الاولوية وقدر من التسريع اقتضهما ضرورات تحقيق عنصر الردع و العدل الناجز وفق ما فرضته الظروف الراهنة.
وثانيهما، ان الاجراءات المتبعة -وقد شهدنا ذلك عن قرب- هي نفسها الاجراءات المعتادة بمراعاة حقوق المتهمين فى الاستعانة بمدافعيهم و أخذ كل فرصة فى مناقشة الشاكي والشهود و الطعن فيهم وفق القانون و طلب استدعاء شهود دفاع. وكان لافتاً ظهور عشرات المحامين والمترافعين فى الدعوى الواحدة دون أن تنتقص من أدائهم نيابة او محكمة ودون غمط طرف او رفض ظهور مترافع أو حتى محاولة تسييس الدعوى، فالمحاكم بدت لنا واسعة الصدر حريصة على إحقاق الحقوق تماماً بقدر حرصها على سرعة الفصل فى الدعاوي وعدم تعطيل او عرقلة مسارة العدالة.
الآن لنأخذ أمثلة احصائية، ففي العاصمة الخرطوم و تحت أمر طوارئ (2) و (3) فصلت محاكم الخرطوم فى (163) بلاغ بمواجهة 636 متهم! اقصى عقوبة بلغت 5 سنة سجن وأقصى عقوبة مالية (5) ألف جنيه، اما أدنى عقوبة حبس فبلغت الاكتفاء بمدة الحبس الاحتياطي – (حبس ما قبل المحاكمة).
 هناك 18 قاصر تم تسليمهم لذويهم وهناك (1) متهم أجنبي تم إبعاده، هذا كان فى الاسبوع الاول؛ اما فى الاسبوع الذي يليه فقد بلغت البلاغات 46 فى مواجهة 245 متهم . أنظر هنا الفارق فى تراجع عدد البلاغات و المتهمين فى الاسبوع الذي يليه عدد البلاغات (13) بلاغ بمواجهة (51) متهماً!
الامر نفسه فى بقية عواصم الولايات ومدن السودان بما يمكن ان يستشف منه ان أوامر الطوارئ مقصدها اشاعة  قدر من التوازن و الاستقرار ومنع الجريمة أياً كان مصدرها، وهي بهذه المثابة لا يمكن ان يقال انها موجهة للتظاهرات و المتظاهرين، فهي موجهة لمن يخالف القوانين السودانية ويثير السلامة العامة فى الدولة سواء في مضاربات العملة او فى التلاعب بالاقتصاد أو الاخلال بالامن والسلامة العامة أو اعتراض الموظف العام أثناء تأديته واجبه القانوني.
x

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة