كيف أنقذ البشير السودان للمرة الثانية؟

كيف أنقذ البشير السودان للمرة الثانية؟

 للمرة الثانية يطل الرئيس السوداني عمر حسن أحمد البشير على السودانيين من منصة وطنية هدفها إنقاذ الدولة السودانية. فى المرة الاولى - 30 يونيو 1989- كانت اطلالة العميد وقتها عمر حسن أحمد البشير وهو يتلو بيان الثورة،
كانت كل آمال السودانيين قد إتجهت الى المؤسسة العسكرية ذات الاحترام الراسخ في السودان باحثة عن إنقاذ للخروج من عنق زجاجة القوي الحزبية وصراعاتها وتجاهلها للزحف العسكري السهل للحركة الشعبية الجنوبية التى كان يقودها الدكتور جون قرنق بعد تساقط العديد من المدن السودانية على يديه!
يومها كانت إطلالة البشير ذات مذاق خاص، فقد أدرك السودانيين بحسهم الوطني المميز ان تلك الصفحة قد انطوت وان الانتشال من البئر قد حان. وعشية الجمعة قبل الماضية، الثاني والعشرين من فبراير 2019 وبعد التنويه المتكرر من قبل اجهزة الاعلام الرسمية، كان السودانيون فى حالة ترقب، فالآفاق تقترب من الانسداد والتظاهرات جراء الازمة الاقتصادية دخلت شهرها الثالث، وبعض القوى المعارضة استلّت سيوفها وأعدت رماحها الصدئة، ولم يكن اكثر المتفائلين يرى بارقة عقل فى الافق الممتد بامتداد مساحة السودان الشاسع المترامية الاطراف. 
وكيفما مضت التنبوءات وأينما هومت التصورات و الخيالات لم تقترب ولو بشبر من عملية الانقاذ الذكية التى قادها -للمرة الثانية- الرئيس البشير وهو هذه المرة برتبة المشير. القرارات و التدابير الى اطلقها الرجل في  فناء القصر الرئاسي بنسماته الطلقة التى كانت تهب من اقرب موجة هادئة على شاطئ النيل أذهلت حتى الذين تعودوا ألا يذهلوا! 
حتى أولئك الذين تغطي وجوههم برودة ثابتة ومألوفة تغيرت ملامحهم وعجبوا! فهاهو الحل السياسي الاستراتيجي على طبق سوداني من ذهب. لم يكن هناك وسطاء من الجوار الاقليمي ولا ترويكا ولا مسهّلين. فقط حكمة سودانية خالصة معطونة بطين الخبرة وعناء التجربة ووعثاء السير السياسي الطويل.
قرر البشير حل الحكومة المركزية و الحكومات المحلية والولائية واصدر أمر طوارئ تسنده حيثيات من الواقع، اعطى الجيش السوداني دوره فى مثل هذه الحالات لكي يزيد من إحكام صمام الامان. خطاب لم يستغرق اكثر من دقائق أنهت الازمة السودانية عبر مؤشرات واضحة للغاية.
أولاً، أوجدت الارتياح المطلوب فى قلوب السودانيين كافة بألا مجال لانزلاق او فوضى او سيل دماء. ثانياً، اغلقت الباب تماماً فى وجه اصحاب (الاجندات الخاصة) فى ضفة القوى المعارضة الذين راهنوا على (الفرصة التاريخية) للانقضاض على مجمل الدولة السودانية و تفتيت نواتها ونزع ثيابها وتركها لتهيم فى الارجاء.
ثالثاً، أعادت تمتين الرباط الوطني المقدس بين مؤسسات الدولة وشعبها؛ فالمؤسسة العسكرية تسهم فى إدارة الحل الوطني بتجردها المعهود، ومؤسسات الدولة المدنية يديرها اصحاب الكفاءة وذوي القدرات. 
رابعاً، أعادت التأكيد على ترسيخ التداول السلمي للسلطة، فقد كان بعض الذين راهنوا على اسقاط الحكومة يتطلعون الى اسقاط منظومة الدولة بكاملها وإقصاء من هم فى السلطة و البدء من الصفر! قرارات الرئيس اعادت توصيل التاريخ الوطني ببعضه بحيث لا تنقطع عملية التداول السلمي للسلطة ولا تتأثر مشروعية مؤسسات الدولة.
من المؤكد ان الرئيس البشير وللمرة الثانية أحرز نجاحاً فى إنقاذ الدولة السودانية وأذهل الجميع.
x

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة