حالة الطوارئ فى السودان.. أهداف محددة ونتائج إيجابية!

حالة الطوارئ فى السودان.. أهداف محددة ونتائج إيجابية!

 ضمن سياق التدابير السياسية التى أطلقها الرئيس السوداني البشير عشية الجمعة 22 فبراير الماضي بحل الحكومة المركزية وحكومات الولايات و الاستعانة بالمؤسسة العسكرية فى الجهاز التنفيذي للدولة، اصدر الرئيس البشير أمراً بفرض حالة الطوارئ مستندا فى ذلك الى المواد 58 و 211 من الدستور السوداني 2005م.
والتي يحق للرئيس البشير ان يصدر بناء عليها اعلان حالة الطوارئ اذا كان هناك خطر داهم او وشيك يتهدد الدولة، او ازمة اقتصادية أو وباء، أو اي ازمة تتطلب مواجهتها حالة استثنائية تتيح للرئيس إحكام سيطرته عليها.
كما ان الرئيس واستناداً على صلاحيات حالة الطوارئ المنصوص عليها هي الاخرى فى (قانون الطوائ والسلامة العامة 1997) أصدر الاثنين 25 فبراير 2019 خمسة أوامر طوارئ تتعلق بحظر التجمعات غير المشروعة و التعامل فى النقد الاجنبي و تهريب السلع الاستراتيجية (الوقود) او ترحيلها من مكان لآخر دون إذن؛ وطلب من النائب العام و رئيس القضاء تشكيل نيابات طوارئ و محاكم طوارئ و صدرت بالفعل أوامر تأسيس محاكم ونيابات طوارئ فى كل ارجاء السودان.
اذن فرض حالة الطوارئ تم وفق صلاحيات الرئيس الدستورية كما ان دواعي فرضها المتمثلة فى الازمة الماثلة فى السودان خاصة الاقتصادية و اقترابها من الازمة السياسية فى ظل وجود مضاربات علنية فى العملة الاجنبية و عمليات تهريب للسلع والبضائع الاستراتيجية لدول الجوار عبر الحدود، هذه كلها جعلت من قرار فرض حالة الطوارئ قراراً سليماً وصحيحاً من الناحية الدستورية والقانونية وبالنظر الى حقائق الواقع على الارض، ذلك ان حالة الطوارئ وفق تعريفها القانوني هي (حالة وجود مهددات غير طبيعية او طبيعية تنذر بإحداث اضرار بالغة بالشعب او الامة لدولة معينة). 
وهي بهذه المثابة تتطلب عملاً استثنائياً لمواجهة الحالة نفسها وتزول هذه الاجراءات الاستثناية بزوال الاسباب. وهي لا تعتبر حالة شاذة او معيبة قانونياً والكل يعرف ان الرئيس الفرنسي (ماكرون) لجأ لفرض حالة الطوارئ فى فرنسا جراء احتجاجات وذي السترات الصفر قبل اسابيع . الامر نفسه فعله الرئيس الامريكي ترامب فى اعقاب الخلاف حول الموازنة و قضية الجدار.
اذن هي ليست أمراً شاذاً او لا تجد سنداً قانونياً وسياسياً خاصة وان الدستور السوداني 2005 قرر عرضها على البرلمان للنظر فيها حتى تأخذ صفتها التشريعية وهو ما يجري الآن بالفعل فى اروقة البرلمان السوداني. غير ان اهم الملاحظات التى تلاحظ على حالة الطوارئ المفروضة الان في السودان ولمدة عام كامل: 
أولاً، لم توجه بصفة خاصة تجاه المتظاهرين، فقد قامت بعض التظاهرات اثناء فرضها، بل فى ليلة اطلاق الرئيس لتدابيره السياسية عشية الجمعة قبل الماضية ولم تتحرك الاجهزة الشرطية لقمع المتظاهرين باستخدام قوانين الطوارئ. 
ثانياً، أتاحت الفرصة للقطاع الاقتصادي فى السودان لمعالجة المضاربة فى العملة الاجنبية و التلاعب بالاقتصاد. إذ سرعان ما اختفت العناصر التى كانت تتاجر فى العملة فى شوارع العاصمة الخرطوم وعلى اطراف الاسواق اذ ان العقوبات المنصوص عليها فى القانون، فى ظل حالة الطوارئ تصل الى 10 أعوام سجناً، مع مصادرة الاموال المستخدمة في الجريمة.
اذن حالة الطوارئ لم تفرض اية قيود اضافية تنتقص من الحقوق السياسية و تنتهك الحرمات؛ الهدف الاستراتيجي منها وفقاً لما ذكره الرئيس البشير نفسه فى خطابه هو المحافظة على استقرار الدولة ومحاصرة الجرائم و الألاعيب الاقتصادية التى تفتك بجسد الاقتصاد السوداني. 
x

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة