حركات دارفور وعبقرية إهدار الفرص!

حركات دارفور وعبقرية إهدار الفرص!

 المفاوضات –غير الرسمية– التى جرت مؤخراً بين الحكومة السودانية من جهة وحركة العدل والمساواة بقيادة جبريل ابراهيم وحركة مناوي من جهة اخرى فى مدينة برلين الالمانية انفضت دون التوصل الى اتفاق يمهد لمفاوضات رسمية تنهي الصراع فى اقليم دارفور.

انفضاض المفاوضات دون اتفاق بحسب الانباء الواردة من هناك  مرده الى اصرار حركتي جبريل ومناوي على وضع اشتراطات واعادة مناقشة قضايا خارج سياق منبر الدوحة. الامر المدهش فى هذه المفاوضات ان الحركات الدارفورية المسلحة ما تزال بذهنيتها القديمة. ذهنية البدء من الصفر والحصول على مكاسب سياسية على غرار المكاسب التى تلقتها الحركة الشعبية الجنوبية فى نيفاشا 2005 من اتفاق السلام الشامل. مع ان حركتي جبريل  ومناوي فى الوقت الراهن سواء على الارض وميدان القتال أو على النطاق السياسي العام ليس لها وجود أو وزن يذكر.
حركة جبريل وعلاوة على حالة الانقسامات الحادة الذى ضربتها منذ اكثر من 7 سنوات وأفقدتها قوتها حين تلقت ضربة عسكرية قاصمة فى (قوز دنقو) 2014 اتفق كل المراقبين على انها الضربة الاكثر تأثيراً وألماً وتبريحاً للحركة بحيث خرجت –منذ ذلك الحين– من الميدان العسكري عملياً ولم يعد احد يسمع بها الا لماماً.
حركة جبريل ايضاً اصبحت محل سخرية وشماتة من بقية الحركات كونها -وفي دقائق معدودات- هزمت فى قوز دنقو هزيمة ماحقة فقدمت معها كل اسلحتها الحديثة التي استلمتها حديثاً فى دولة الجنوب وباهت بها ولكن لم تدم المباهاة سوى دقائق.
حركة مناوي هي الاخرى اسكرتها آليات و اسلحة مصرية خاضت بها معركة خاسرة فى شمال دارفور انتهت بوضع قوات الدعم السريع يدها على تلك الاسلحة والآليات وتسببت فى احراج الحكومة المصرية!
حركات مسلحة بهذا التاريخ المخزي المليء بالهزائم وجرائم الحرب فى جنوب السودان وليبيا وجرائم خطف واغتصاب وحرق قرى ونهب بنوك، كيف لها ان تجلس لتفرض شروطاً وتقدم طلبات  تتظاهر بأنها قوية ومؤثرة؟
وحتى لو تغاضينا عن هذا الجانب مع انه جانب مهم فى مائدة التفاوض لان الوزن العسكري على الارض و التأثير السياسي ضروري على اي مائدة تفاوض، ما الذي يمكن ان تضيفه هذه الحركات المسلحة للعملية السلمية فى دارفور؟
صحيح هنا ان الحكومة السودانية و المجتمع الاقليمي والدولية يريدون ان يروا الاطراف المتصارعة فى الاقليم قد دخلوا فى عملية سلمية شاملة، وصحيح ايضاً ان الحكومة السودانية حريصة على تنظيف وترتيب بيتها من الداخل بعدما حققت نجاحاً مذهلاً فى اعادة الامن و الاستقرار الى الاقليم؛ ولكن بالمقابل فان هذه الحركات المسلحة نحت منحىً اجرامياً ومخالفاً للقانون، وتحولت من حركات سياسية تحمل السلاح بمطالب ومظالم سياسية الى حركات تخدم من يدفع المال و يحارب نيابة عمن يستأجرها وارتكبت ما ارتكبت من الجرائم فى دول الجوار وباتت تشكل عنصراً أمنياً سالباً للأمن القومي و الاقليمي؛ بل ان بعضها اصبح يشكل ت تهديداً للامن القومي الاقليمي للقارة الافريقية والأمن والسلم الدوليين!
كيف فات على هذه الحركات -وهي بهذا السجل الاجرامي الحافل- ان تغتنم فرص هذا اللقاء النادر لكي تلتحق بالعملية السلمية وتنتقل مما هي فيه الى ما هو افضل؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة