كيف يدار التعايش الديني في السودان؟

لم يقف السودان –كدولة وسلطة مسئولة– في قضية التسامح والتعايش الديني عند الممارسة الاجتماعية العادية القائمة على الأعراف والتقاليد السودانية في احترام الديانات وعدم المساس بحرية الاعتقاد، ولكن انشأ مجلساً خاصاً للقيام بهذه

المهمة يعرف بـ(مجلس التعيش الدينية السوداني) .
المجلس هو منظمة طوعية غير سياسية غير ربحية وتم تسجيله رسمياً بالرقم 229 في ديسمبر 2002م وقامت بتأسيسه عدة جهات سودانية تمثلت في وزارة الإرشاد والأوقاف ومجلس الصداقة الشعبية العالمية وجمعية حوار الأديان ومجلس الكنائس السوداني.
ويتكون مجلس التعايش الديني في هيكله الإداري من 3 هياكل أولاً: جمعية عمومية وهي تتكون من الطوائف الدينية المختلفة وليس من الاحزاب والقوى السياسية . ثانياً، مكتب تنفيذي تم انتخابه بواسطة الجمعية العمومية ويتولى إدارة المجلس و متابعة شئونه . ثالثاً، أمانة عامة وتختص بالسكرتارية ومتابعة القرارات.
ولم تكتف الدولة في السودان بإنشائها المجلس وإنما ظلت تعقد الورش والسمنارات لترسيخ هذه القضية الاستراتيجية وقد كانت آخر ورشة تم عقدها بهذا الخصوص هي ورشة عن (ملتقى الحريات الدينية في السودان) عقدت بتاريخ 21/ ابريل 2018 بقاعة وزارة العدل بالخرطوم.
حضر الورشة بالإضافة الى 38 من المسئولين والمختصين السودانيين، عدد مقدر فاق الـ(200) شخص من مختلف القطاعات الثقافية والاجتماعية والدينية في السودان. ناقشت الورشة عدداً من الأوراق العلمية مثل الحريات الدينية في القوانين الوطنية السودانية وورقة أخرى بعنوان ضوابط منح تصديقات دور العبادة في السودان.
وقد تبين من خلال المناقشات والمداولات الموضوعية: أولاً، ان السودان ظل ينص صراحة في دساتيره المختلفة في الحقب الوطنية المختلفة على حرية الأديان و الاعتقاد وضرورة حماية الاعتقاد بواسطة الدولة.
ثانياً، ان السودان انضم إلى الاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية وجهل هذه الاتفاقيات الدولية جزء لا يتجزأ من قوانينه الوطنية وفي ذلك إشارة إلى رسوخ قناعة بضرورة احترام المعتقدات الدينية و تحقيق الحماية اللازمة لها.
ثالثاً، ان السودان يتبع قوانين و ضوابط مرنة وراسخة شأن التصديق بإنشاء دور العبادة فاذا كانت هناك حاجة لإنشاء أي دور للعبادة في منطقة مخططة يصدق بها على الفور ولكن عادة لا تسمح السلطات بإنشاء دور عبادة عشوائية غير ملتزمة بقوانين الأراضي و مخالفة لها.
رابعاً، رغم ان الطوائف الدينية في السودان عديدة ومختلفة وربما متناقضة حيال بعضها إلا ان السودان يوفر الحماية التامة لهذه الطوائف و يحظر سب العقائد والأديان و يعاقب من يرتكب جرماً كهذا.
ان قضية التعايش في السودان أصبحت قضية مجتمعية راسخة فقد انتشرت دور العبادة المختلفة ولم تسجل المضابط الرسمية أية خروقات في هذا الصدد، والذي يقترب من البيئة الاجتماعية السودانية بإمكانه ان يلاحظ صعوبة التفريق بين الطوائف الدينية المختلفة إذ انها في الأعياد المناسبات الدينية تهنئ بعضها وتحتفل بطريقة اجتماعية موحدة وهناك نموذج لأسر وعوائل فيها المسلم والمسيحي ولكنها تعيش في تناغم تام دون تنافر او خلافات. ولو لم تكن حرية الأديان متوفرة بالقدر الكافي في هذا البلد لما تسنى توفر هذا القدر الواضح من التعايش الديني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة