حسنين يطرق باب الثورية ولا يُؤذن له بالدخول!

حسنين يطرق باب الثورية ولا يُؤذن له بالدخول!

 على محمود حسنين ، قيادي سابق في الحزب الاتحادي الديمقراطي، ويبدو ان الرجل كان يأنس في نفسه –رغم انه طاعن في السن– القدرة على إسقاط الحكومة السودانية فقط بإنشاء تحالف جهوي عريض في العاصمة البريطانية لندن واختمرت
الفكرة في ذهنه وأطلق الفكرة فى الفضاء السياسي المعارض في عاصمة الضباب!
والذين اقتربوا منه يومها لمسوا كيف كان الرجل سعيداً جداً بالفكرة وحالِماً بتحقيقها على ارض الواقع وكان ذلك -ولا تدهش عزيزنا القارئ- قبل حوالي 12 عاماً.
كل تلك المدة  قضاها حسنين في تكوين ما أطلق عليه هو (جبهة عريضة) جمع لها المال بالجنية اللندني الإسترليني وبالدولار الأخضر الأمريكي وتارة بالدعم المعنوي المجامل بحكم ما عرف عن السودانيين –خاصة اذا كانوا في الغربة– من حرص على المجاملة و تطييب الخاطر والتشجيع المعنوي.
حسنين قضى سنوات يتنقل بين المهاجر مبشراً (بجبهته العريضة) تغيرت فيها الأوضاع في السودان، وأقيمت انتخابات عامة، و أقيمت تحالفات جديدة وسقطت تحالفت أخرى، وأنشأت وأقيمت مؤتمرات أبرزها مؤتمر الحوار الوطني وخروج بمخرجات وتم رفع العقوبات الاقتصادية الامريكية، وتراجعت أنشطة الحركات المسلحة سواء في دارفور وجنوب كردفان او النيل الأزرق، والتحقت حركات مسلحة بالعملية السلمية ودخل بعضها حكومة الوفاق الوطني القائمة حالياً في السودان.
جرت كل هذه المتغيرات وحسنين ويكون (جبهته العريضة) ويبدو ان الأمور لم تسر كما كان مخطط لها فإذا به يعود –بعد كل هذه السنوات– ليطرق باب الجبهة الثورية.
المضحك في الأمر ان الجبهة الثورية هي نفسها لم تعد كما كانت، فقد انقسمت الحركة الشعبية شمال إحدى مكوناتها السياسية وأصبحت جزأين، جزء يتزعمه الحلو وجزء آخر يتزعمه عقار. الحركات الدارفورية المسلحة خرجت من ميدان القتال، بعضها لجأ إلى ليبيا و تحول إلى عمل مسلح مقابل المال في كمبالا وبعضها هائم على وجهه في سفوح جبل مرة، فقد ظهر بعبع عسكري مرعب لهذه الحركات المسلحة عرف بقوات الدعم السريع.
 قوات تجيد تكتيك القتال بما يفوق التشكيل العصابي للحركات المسلحة، قادرة على الملاحقة الطويلة بذارعها الطويل الذي ينتهي بمخالب حادة، وقادرة على الاحتفاظ  بلياقتها القتالية للمدى الذي يحتاجه القتال لو إمتد لأشهر وسنوات، قادرة على حمل خطوط إمدادها معها بحيث لا تحتاج لخطوط إمداد!
هذه القوات غيرت مسارح رياح الصراع تماماً، ولهذا فان حسنين طرق باب الثورية ولم يجد من يرحب به، فالرجل (مهزوم) ويبحث عن دار إيواء للمهزومين و الثورية حالها يغني عن سؤالها، ولا تحتمل مهزوماً اضافياً.
لقد كان الأكرم لحسنين وهو في متاهته الطويلة هذه ان يركن لحزبه الاتحادي وان يعود ليقضي (ما تبقي) من سنوات العمر في حضن هادئ وحظيرة يعرفها، فقد ارتضى الرجل ان ينتهي به الأمر ذليلاً في المقاعد الخلفية للثورية وكانت المفاجأ ان الثورية لم ترض به! 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة