الحوار السوداني الأمريكي… رغبة متبادلة للتطبيع الكامل

اعترف مساعد وزير الخزانة الأمريكي مارشال بيلينغسلي بأن السودان أحرز تقدماً في المسارات الخمسة التي بموجبها تم رفع الحظر الاقتصادي عنه في المرحلة الأولى في أكتوبر الماضي،ويأمل الطرفان للوصول لمرحلة رفع اسم السودان

من الدول الراعية للارهاب في المرحلة الثانية ،التي دشنتها زيارة وفد الكونونغرس الأمريكي للسودان هذه الأيام،مما يؤكد أن الرغبة من أجل التطبيع الكامل متبادلة بين الطرفين،حيث يتطلع السودان خلال مسار الحوار بين الطرفين ومساعي التطبيع بين البلدين الى علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة باعتبارها دولة مهمة وكبرى،ويبذل القائمون علي أمرالدبلوماسية السودانية غاية جهدهم لانهاء موضوع رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب والوصول به لغاياته المنشودة .

تصحيح المفاهيم الخاطئة
وكانت أهم المداخل التي اعتمدت عليها استراتيجية الهيئة التشريعية القومية،في حوارها مع وفد من أعضاء الكونغرس الأمريكي الزائر ،برئاسة عضو لجنة مكافحة الارهاب ومناهضته لويس كتريس،هي التركيز علي بحث الفرص المتاحة لتصحيح المفاهيم الخاطئة تجاه السودان وحقيقة الأوضاع بالبلاد،فضلاً عن المعوقات التي تواجه السودان لتحقيق السلام والاستقرار وتأثيرها على حياة المواطن والزراعة والتعليم والبنوك،ولم تغفل المباحثات التطرق لمسائل حقوق الانسان وممارسة حرية الأديان،ودور السودان في محاربة الارهاب وغسل الأموال،حيث قدم رئيس الهيئة التشريعية القومية، البروفيسر ابراهيم أحمد عمر،شرحاً للوفد الأمريكي عن طريقة الهيئة التشريعية في مداولاتها،وعدد اللجان ونسبة الـ30% المخصصة للمرأة داخل الهيئة ،وتناول البروفيسر عمرتاريخ العلاقات السودانية الأمريكية ومراحل سوء الفهم وعودة الحوار السوداني الأمريكي، الى جانب دور الشركات الأمريكية في استخراج البترول.
وتضمنت لقاءات وفد الكونغرس الأميركي الذي يزورالخرطوم بدعوة من البرلمان السوداني،لقاءً مع النائب الأول للرئيس السوداني،رئيس مجلس الوزراء القومي،الفريق أول ركن بكري حسن صالح، وبحث اللقاء العلاقات بين الخرطوم وواشنطن، حيث قال ممثل الوفد الأميركي دانيال كليندي في تصريحات صحفية ان اللقاء تطرق للعلاقات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة وقضايا حقوق الانسان والحريات الدينية،وأبان كليندي أن الوفد تعرف على الامكانات الكبيرة التي يتمتع بها السودان في مختلف المجالات ،معرباً عن سعادته بزيارة السودان،وقال انها «شكلت فرصة للاطلاع عن قرب على مجمل الأوضاع في السودان»، مشيرا الى الجهود المبذولة من أجل تحسين العلاقات بين الخرطوم وواشنطن،وأضاف أن وفدا من الكونغرس الأميركي الذي وصل الخرطوم منذ أيام قد عقد عدة اجتماعات بمسؤولين في الحكومة السودانية،والتقى الوفد كذلك بممثلين لقوى المعارضة في الخرطوم وناقش معهم تطورات الوضع السياسي ،وشملت لقاءات وفد الكونغرس لقاءً مع الدكتور فيصل حسن ابراهيم مساعد رئيس الجمهورية الذي أكد التزام السودان بتحقيق السلام في السودان و المنطقتين «جنوب كردفان والنيل الأزرق».
حيث أوضح بشاره أرور وزير الثروة الحيوانية الذي حضر اللقاء، بأن القضايا التي تمت مناقشتها شملت قضية الحوار الوطني و قضايا السلام والعلاقات بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية وقضايا الحريات الدينية بالاضافة الى علاقات السودان مع المعارضة في الداخل والخارج والقضايا السياسية بالبلاد.
وقال بشارة ان الوفد استمع الى تنوير عن الأوضاع في السودان بعد الحوار الوطني واتجاهه نحو الحوار الدستوري كما تم اطلاعهم على التوقيع على خارطة الطريق التي قدمت من الآلية رفيعة المستوى في اطار تحقيق السلام في السودان .
من جانبه قال ممثل وفد الكونجرس الأمريكي انهم استمعوا الى تنوير واف،و تم اجراء نقاش صريح تماماً حول مجريات الحوار الوطني» ،وقال نشيد بهذا الحوار الذي سيؤدي الى السلام الدائم في السودان، مبينا بأن اللقاء ناقش موضوع العلاقات بين السودان والولايات المتحدة .
انفراج التحويلات المالية
زيارة وفد الكونغرس الأمريكي للخرطوم تزامنت مع زيارة لمساعد وزير الخزانة الأمريكي مارشال بيلينغسلي للسودان،والذي قدم وعوداً بقيام بلاده بدور كبير في المرحلة المقبلة،لاعادة علاقات البنوك الأمريكية مع السودانية،وحث مارشال البنوك الأميركية على فتح فروع لها بالسودان،حيث يتأهب السودان لصدور قرار من البنك الفيدرالي الأمريكي،بفك حظر التحويلات المالية العالمية،والذي يسمح للمصارف الدولية بالتعامل المباشر مع السودان،تعزيزاً لقرار رفع العقوبات الاقتصادية في أكتوبر الماضي،وبحث المسؤول الأمريكي،مشكلة ديون السودان البالغة نحو 54 مليار دولار، 85% منها فوائد،وأوضح مساعد وزير الخزانة الأمريكي،أن السودان أحرز تقدماً في المسارات الخمسة التي بموجبها تم رفع الحظر الاقتصادي عنه في المرحلة الأولى،وقال ان الكونغرس الأمريكي يتطلع لرفع اسم السودان من الدول الرعاية للارهاب في المرحلة الثانية، داعيا السودان لاحراز مزيد من التقدم في الحريات وحقوق الانسان وبناء علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة.
من جهته، طالب وزير المالية محمد عثمان الركابي،بتقديم الدعم المالي لاستكمال عملية الاصلاح الاقتصادي التي تتحمل أعباؤها الشرائح الضعيفة في المجتمع،وقال ان السودان مستمر في الاصلاح الاقتصادي رغم الظروف الحالية،وفي ذات الاتجاه نقلت وسائل اعلامية بالخرطوم هذا الاسبوع تصريحاً،لأمين السياسات في اتحاد أصحاب العمل السوداني،سمير أحمد قاسم،قال فيه «ان جميع المصارف السودانية تنتظر اجراء فعلياً من الولايات المتحدة للتعاملات المالية بشكل مباشر مع السودان»، خصوصاً أن هناك تقدما كبيراً ومشهوداً في مسار العلاقات السودانية الأمريكية خصوصاً في المجالات الاقتصادية.
وأشار الى أن جميع اللقاءات التي تمت سابقا بين قيادات القطاع الخاص والجانب الأمريكي تصب في كيفية انسياب التعاملات المالية والتجارية بين البلدين،داعياً الادارة الأمريكية الى اخطار المصارف والبنوك العالمية بصورة رسمية للتعامل مع السودان لازالة تخوفات البنوك العالمية من الغرامات التي واجهتها خلال فترة الحظر،حيث يصل حجم تحويلات المغتربين السودانيين في دول الخليج الى نحو 4 مليارات دولار، 90 في المئة منها تحوّل الى الداخل، خارج أسواق المصارف السودانية، بفارق سعري كبير،ووفقاً لمصادر مصرفية سودانية،فان متطلبات البنوك العالمية للتعامل المصرفي مع السودان بعد رفع الحصار وادماجه في الاقتصاد العالمي عن طريق البنوك، تتطلب التأكد من أن البلد المعنيّ تخلو ممارساته المصرفية من غسل الأموال والارهاب، كذلك سلامة الأنظمة المالية والتجارية من ممارسات الفساد.
وذكرت المصادر أن البنوك العربية تواجه تحديات في علاقاتها المالية والتحويلات مع السودان،وأنها تشهد تراجعاً تدريجياً في عملياتها،بسبب عدم مواكبة وتحديث الجهاز المصرفي السوداني لمتطلبات البنوك العالمية في التعامل المصرفي.
كما تضمنت زيارة مساعد وزير الخزانة الأميركي مارشال بلينغسلي لقاءً مع وزير الدفاع السوداني الفريق أول عوض بن عوف بحضور القائم بالأعمال الأميركي استيفن كوستيس لبحث السبل الكفيلة ببناء الثقة بين السودان والولايات المتحدة».
وأوضح بيان صحفي للمتحدث باسم القوات المسلحة السودانية أن وزير الدفاع أكد «حرص السودان على اقامة علاقات ثنائية متميزة مع أميركيا تحقق مصالح البلدين وتسهم في تعزيز الجهود المبذولة لصيانة الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الارهاب».
وأكد بن عوف التزام السودان بقرارات الأمم المتحدة بشأن كوريا الشمالية والتزامه بمكافحة الارهاب في اطار التزاماته الأخلاقية تجاه الانسانية والمجتمع الدولي.
ووفقا للبيان الصحفي فان الوزير قدم،اجابات شافية عن كل الموضوعات التي تشكل محل اهتمام لدى الوفد الأميركي،حيث عبر مساعد وزير الخزانة الأميركية عن تقديره للصراحة التي اتسم بها اللقاء،معلناً رغبتهم في دفع العلاقات الثنائية بين البلدين الى الأمام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة