جائزة الحريات الصحفية.. حقائق الواقع والممارسة!

جائزة الحريات الصحفية.. حقائق الواقع والممارسة!

حصل السودان على جائزة الاتحاد العربي الإفريقي للإعلام الرقمي الخاصة بالحريات الصحافية في نسختها الأولى. نادي (A.G.C) بالعاصمة السودانية الخرطوم شهد وقائع تقديم الجائزة والاحتفال الذي صاحب استلام الجائزة والذي حضره عدد مقدر من
المسئولين السودانيين في مقدمتهم مساعد الرئيس عبد الرحمن الصادق المهدي.
ولا شك ان نيل السودان لجائزة عربية افريقية تتعلق بالحريات الصحفية ليس أمراً عابراً او مجرد احتفاء إعلامي بدأ و انتهى بانتهاء مراسم الاحتفال. واقع الأمر ان السودان بنيله هذه الجائزة لفت الأنظار اليه في هذا الجانب الحقوقي المهم. اذ ان لهذا البلد تجربة و ممارسة طويلة في المجال الصحفي، وكما أشار بحق وكيل وزارة الاعلام السودانية ياسر خضر، فان البنية التشريعية لحرية الصحافة في السودان واسعة جداً إذ انه وعوضاً عن النصوص الدستورية الواضحة في الدساتير السودانية المختلفة فان السودان ظل يشهد تطوراً تشريعياً مضطرداً في مجال الصحافة.
 وفي كل تشريع يتم توسعة نطاق العمل الصحفي و الممارسة وصولاً إلى قانون 2009 للصحافة والمطبوعات والذي يخضع الآن لدراسة بغية إصدار قانون جديد للصحافة ويتيح حريات اوسع و تطويراً لدور الصحفية ومواكبة التطور الكبير في التقنية و الإعلام والصحافة الورقية.
 ولمن أراد ان يتأمل بموضوعية في واقع الحريات الصحفية في السودان، فان الحق المتاح في إصدار الصحف مفتوح ومكفول لكل من يرغب - في اطار شروط الإصدار التى ينظمها القانون- وهي في حد ذاتها خاصة اذا ما قارنتها بالأوضاع المماثلة في المنطقة و الإقليم، واحدة من أهم عناصر حرية الصحافة ، فالذي يريد إصدار صحيفة ليس مهماً ان يكون منتمي سياسياً انتماء معيناً، ليس مهماً ان تكون لديه توجهات سياسية او أيدلوجية معينة، فقط الاشتراطات اللازمة للعمل المهني من رأس مال وتأسيس لشركة وأصول ثابتة و ضمان لحقوق العاملين وقائمة تحريرية وفقاً للقانون.
ولهذا تجد ان الصحافة الموجودة الآن في السودان غالبها صحف حرة تخص أفراد ومؤسسات حرة لا علاقة لها بالسلطة الحاكمة بحال من الأحوال.
ولن يختلف اثنان على ان السودان يمضي بخطة ثابتة نحو تطوير الممارسة الصحفية و هو امر يحتاج لوقت وجهد كبر. ولهذا فإن الذين يوجهون سهام نقد إلى الحكومة السودانية بشأن الحريات الصحفية يفعلون ذلك في الغالب من واقع معارضتهم للحكومة ومن منطلق مواقف سياسية معروفة.
المنظمات المحلية و الدولية التى ترمي هي الأخرى بسهام النقد، تنطلق من مواقف سياسية تجاهل القوانين، والأعراف و التقاليد الخاصة بالسودان، ان قانون الصحافة والمطبوعات لا يمكن ان يكون هو القانون (الأوحد) الذي يسري فى السودان، هناك قوانين أخرى من الممكن ان تخالف الصحافة وتلحق ضرراً بالمجتمع السوداني او تضر الأمن القومي، او تتسبب في بلبلة لا مبرر لها أو ضرراً اجتماعياً ماحقاً، إذ ان الصحافة تخطئ و ترتكب الأخطاء سواء بسحن نية او سوء نية، وواجب القانون ان يحِد من هذه الأخطاء ويحول دون ان تلقي ظلالاً سالبة على البلاد.
على كلٍ؛ الجائزة أكدت ان الجهود المبذولة في السودان لصالح حربة الصحافة بدأ يلفت الأنظار ويبدأ يأتي أكله، وهذه في حد ذاتها خطوة جديرة بالاحترام.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة