تطور قضائي جدير بالاحترام في السودان!

تطور قضائي جدير بالاحترام في السودان!
لم يعد بعد الآن الحديث عن الفساد في السودان حديثاً موضوعياً. فقد تصدت السلطة القضائية في السودان -وهي كسلطة مستقلة- للفساد من تلقاء نفسها حيث اعلن رئيس السلطة القضائية، رئيس المحكمة العليا، البروفسير حيدر احمد دفع الله
–بموجب سلطاته المكفولة له في قانون السلطة القضائية– عن تأسيس محكمة جنائية ذات اختصاص نوعي يتعلق بنظر دعاوي الفساد و استغلال النفوذ والاعتداء على الاموال العامة.
المحكمة قيد التأسيس مقرها العاصمة الخرطوم وأتاح لها قرار التأسيس الحق في الانتقال الى اي ولاية من ولايات السودان لعقد جلساتها.
هذا التطور القانوني، تطور ايجابي كبير ومن شأنه ان يحدث آثاراً كبيرة في مجال مكافحة الفساد هذا الداء الذي استشرى حول العالم كالمرض الفيروسي للدرجة التى اضطرت معه الامم المتحدة في عام 2012 لاصدار اتفاقية دولية اطلقت عليها (اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد 2012).
وبالنسبة للسودان فان تصدي السلطة القضائية لهذا الداء الفتاك بالامكان قراءته ايجابياً من عدة نواحٍ: أولاً، تأسيس محكمة متخصصة لنظر دعاوي الفساد هو بمثابة اضافة نوعية للشفافية في الدولة السودانية، ففي ثنايا واوراق محكمة تخصصة بامكان الباحث او المراقب ان يقف على طبيعة الدعاوي المنظورة وطبيعة الاشخاص المسندة اليهم التهم والادلة المقدمة ومدى تعاون الجهات المعنية في ايصال المحكمة للحقيقة إدانة أو براءة. هذه الامور لها أهميتها في معايرة وقياس درجة الشفافية المطلوبة.
ثانياً، السلطة القضائية نفهسا التى تضلع بهذا الدور وسوف تجد انها هي الاخرى اضافت اضافة نوعية لقضاتها وكوادرها المساعدة في مكافحة مثل هذه الجرائم ومن المؤكد ان التدريب على احدث وسائل التعامل مع هذه الجرائم سوف يخلق تراثاً  قضائياً يضيف الكثير لهذه السلطة العريقة في السودان.
ثالثاً، تأسيس السلطة القضائية لمحكمة متخصصة يعني ان هذه المحكمة المؤسسة خصيصاً لهذا النوع من الدعاوي هي في الاصل جزء من داخل السلطة القضائية، ومن بين أميز كوادرها وتتبع ذات الاجراءات العادية؛ الفارق الوحيد  انها متفرغة و متخصصة، وهذا يختلف بالطبع عن مسمى (محكمة خاصة)، لاننا حين نقول محكمة خاصة فهي ربما تكون محكمة استثنائية، قد تتبع اجراءات خاصة، وربما تكون غريبة عن الاجراءات القضائية المعتادة، ولهذا فهي محكمة متخصصة وليست خاصة.
رابعاً، وجود محكمة مختصة و متخصصة في انتظار ورود الدعاوي المحالة اليها يقتضي بالضرورة وجود نيابة متخصصة تحيل هذه الدعاوي إلى المحكمة، ومن ثم فان اي حديث مرسل عن مكافحة الفساد في ظل تصدي الاجهزة القضائية -النيابة والقضاء- لدعاوي الفساد واستعدادها لتلقي الدعاوي، لن يكون بعد اليوم له مصداقية في السودان، فهذه نقلة من المؤكد ان لها ما بعدها في الحاضر والمستقبل القريب!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة