إلي أي مدي واشنطن جادة وراغبة في إزالة السودان من لائحة الإرهاب؟

إلي أي مدي واشنطن جادة وراغبة في إزالة السودان من لائحة الإرهاب؟

الشئ الوحيد الذي يتفق حوله أغلب المراقبين والمحللين السياسيين فيما يتصل بالشأن السوداني الأمريكي، أن الأخيرة في الغالب لا تقترب كثيراً  من ملف من الملفات المهمة الآ بعد أن تكون قد توفرت لديها قناعة كاملة بضرورة إنجاز

(شئ ما) في الملف المعني!
رأينا ذلك بوضوح في ملف رفع العقوبات الاقتصادية حيث لم توافق الدولة العظمي علي مبدأ التفاوض- عبر لجام خاصة- الآ حينما كانت قد تبلورت مسبقاً في مختلف مطايخ صناعة  القرار في واشنطن قناعة بضرورة رفع هذه العقوبات!
 اللجان التي تفاوضت لأشهر طوال لم تكتشف أمراً جديداً كما لم يقدم السودان من جانبه شيئاً جديداً.
كل المعطيات كانت متوفرة وكان موقف كل طرف قد تمت دراسته وقتل بحثاً!! واسطع دليل علي ذلك أن تاريخاً كان قد تم تحديده لاتخاذ قرار الرفع، وحتي حين تم تمديد ذلك التاريخ كان التمديد مرده إلي عدم اكتمال التعيينات السياسية للمسئولين المعنيين في إدارة ترامب التي كانت حديثة عهد بالحكم عقب الانتخابات الرئاسية التي جرت في ذلك الوقت.
من هنا يمكننا أن نقايس ملف رفع اسم السودان من لائحة الإرهاب والذي تتأهب الدولتان الآن لخوض غمار التفاوض بشأنه، فلو لم تتوفر لدي واشنطن- بالدليل المادي الملموس – دلائل قاطعة بأن السودان ينبغي شطبه من هذه اللائحة لما قبلت بالتفاوض حول الموضوع أصلاً وكلنا يذكر كيف أثنت الإدارات الأمريكية المتعاقبة علي الدور الذي قام به السودان في المعاونة علي مكافحة الإرهاب.
ففي السياسة وخاصة إذا تعلق الأمر بالسياسة الخارجية الأمريكية من الصعب أن يمنح طرف طرفاً آخراً شهادة إشادة كهذي، هكذا عبثاً ومن أجل الإرضاء السياسي.
هي بلا شك قناعة تستند إلي حقائق واقع استقرت في يقين صناع القرار هناك مند سنوات هذا من جانب، ومن جانب ثانٍ فإن إمعان النظر في المطلوبات أو فلنقل الاشتراطات التي أعدتها واشنطن الآن ضمن سياق خارطة الطريق التي علي أساسها سيجري التفاوض فهي لا تتعدي أموراً عادية متاحة، مثل إحلال السلام في المنطقتين عبر الآلية الإفريقية، وإدخال الحركة الشعبية شمال ضمن منظومة العملية السلمية وملف حقوق الإنسان وتعديل قانون العمل الطوعي لسنه 2016، هذه كلها أمور لا تمثل حجر عثرة أمام الحكومة السودانية مهما قالت واشنطن فيها ومهما اشترطت بشأنها! ومن جهة ثالثه، فإن الولايات المتحدة ورغماً عن كونها دولة عظمي، في حاجة إلي السودان، سواء علي صعيد الصراع الرامي في دولة جنوب السودان، وقدرة السودان علي إحداث فرق في المعادلة هناك، أو علي صعيد ملف سد النهضة بكل ما فيه من حساسية وتعقيدات يخشي أن تؤثر سلباً علي الأوضاع الأمنية في المنطقة، أو علي صعيد الجرائم الدولية الخطيرة، عابرة القارات المتمثلة في الهجرة غير المشروعة وتجارة البشر وجرائم غسيل الأموال!
 هذه قضايا وموضوعات حيوية تهم واشنطن وأوربا والسودان يستطيع أن يلعب دوراً مؤثراً فيها ولن تستطيع واشنطن أن تحصل علي مزايا هذا الدور دون أن تصل إلي درجة جيدة من التطبيع مع السودان علي المدى القريب والقريب جداً!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة