إرادة السلام في السودان أدلة ومؤشرات قاطعة!

إرادة السلام في السودان أدلة ومؤشرات قاطعة!بالنظر إلى دلالات و مؤشرات موضوعية عديدة، يمكن القول ان السودان تتوفر لديه بصفة كاملة إرادة السلام والاستقرار. هذا البلد قبل اعوام قلائل كان ينظر اليه من وجهة نظر قوى وجهات دولية عديدة بانه بلد يشتعل بالحرب و الاضطرابات و العنف. ولكن لم يكن هناك من ينظر بعمق و موضوعية إلى حقيقة هذا البلد.

ففي ما يخص الحرب الاهلية الطويلة في جنوبه و التى انطلقت من عام 1955 فإن إرادة السلام متوفرة في السودان نجحت في وضع حد استراتيجي تارخي لهذا الجرح النازف باتفاقية نيفاشا للسلام 2005 و التى افضت بدروها إلى تقرير مصير جنوب السودان و من ثم انفصاله رسمياً في 2011م.
وفيما يخص اقليم الشرق و ما كان يجري فيه من حروب و اضطرابات نجحت اردة السلام في حلحلة القضية حلاً جذرياً ناجعاً في اسمرا 2007م. وكان اتفاق الشرق انموذجاً حياً ونافذاَ وحظي باهتمام و تطبيق عميق و جاد من قبل طرفيه و انتهت بذلك قضية جبهة الشرق.
الامر نفسه فيما يخص اقليم دارفور، حيث تكفلت اتفاقية الدوحة لعام 2012 في بلورة رؤية سياسية واضحة بحق القضية و مثلت السلطة الانتقالية لدارفور ذارعاً سياسياً و تنفيذياً نادراً لتنمية الاقليم و إعادة اعماره حتى اكملت سنوات السلطة الانتقالية وتم حلها و حتى بلغ الامر ذروته باعتراف مجلس الامن الدولي رسمياً بانتهاء العنف في دارفور و شروع قوات حفظ السلام (اليوناميد) في سحب نسبة كبيرة من عناصرها من الاقليم .
بل ان ما توفر من إرادة السلام في دارفور وصل بالاوضاع في الاقلمي إلى اجتراح برنامج (جمع السلاح) وهو برنامج استراتيجي عميق الدلالة قطعت فيه الحكومة السودانية شوطاً كبيراً للغاية لاخراج كل السلاح المنتشر في الاقليم و ترسيخ اللامن والاستقرار.
وكان مشورع (الحوار الوطني) الذي انطلق في العام 2014 يمضي بالتوازي مع هذه الارادة السياسية المؤثرة الهادفة إلى احلال السلام في السودان و تم تتويجها بحكومة وفاق وطني تدير الشأن السوداني حالياً و تشرف على جمع السلاح و تنفيذ اتفاقيات السلام و تنفيذ مخرجات الحوار الوطني.
إذن من هذه الخلفية التاريخية المهمة يمكننا ان ننفذ إلى قضية المنطقتين (جنوب كردفان و النيل الازرق) ، فالمفاوضات التى بدات الاسبوع الماضي بين وفدي الحكومة و الحركة الشعبية قطاع الشمال في العاصمة الاثيوبية اديس بدت للكثير من المراقبين اكثر سهولة وانسيابية عما سبق، فالحركة الشعبية قطاع الشمال ادركت ان هناك:
أولاً، إرادة واضحة للسلام متوفرة لدى الحكومة السودانية كونها انجزت اكثر من 5 اتفاقيات سابقة نجحت في انفاذها و هذه الارادة السياسية تصعب مقاومتها او التقيل منها ، كما حاول ياسر عرمان في الجولات السابقة ، وهي ارادة تجد سنداً دولياً مشجعاً و تنال احترام القوى الدولية.
ثانياً، الحركة الشعبية قطاع الشمال و بمقارنة بسطية ادركت ان الحكومة السودانية جادة جداً اذا ما قورنت -جدلاً- بحكومة جوبا، فالاخيرة ادخلت الجنوب فى حروب عبثية دون ادنى بارقة حل في المدى القريب، بينما الحكومة السودانية تسعى في شتى المنابر الخارجية و الداخلية لتوقيع الاتفاقيات وحلحلة الازمات، و السعي نحو السلام و الاستقرار. من المؤكد ان قضية المنطقتين تقترب من  الحل النهائي المستدام بفضل توفر ارادة السلام.
ثالثاً، توافر إرادة السلام في السودان في السنوات العشر الماضية كان بفعل نزوع السودان نحو النهضة، و اصراره على الخروج من نفق العناء و الشقاء الذي يرزح فيه و قد تعززت هذه الااردة مؤخراً حين تشكلت حكومة الوفاق الوطني التى تضم احزاباً سياسية و قوى مختلفة يهمها و من صميم واجبها احلال السلام.
ولهذا فان من الصعب ان لم يكن من المستحيل في ظل هذه المعطيات ان يزعم طرف يحمل السلاح او يعارض انه لا مجال للوصول الى حل ولعل ابلغ دليل على ذلك لان وفد الحركة الشعبية قطاع الشمال لم يضع ضمن وفده التفاوضي قضية تقرير المصير، كما لم يحدث الارتباك الذي كان يتعمده عرمان في الجولات السابقة!
مجمل القول ان السودان يمتع بمزية توافر إرادة السلام و ينشد الاستقرار والمفاوضات التى انطلقت في اديس تحمل دلالات ذلك وهذه واحدة من أهم استراتيجيات هذا البلد لاعادة ترميم واصلاح اوضاعه و الانطلاق نحو المستقبل.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة