عودة الفاقد السياسي!

عودة الفاقد السياسي!

 رشحت أنباء من مصادر متنوعة الأسبوع الماضي عن عزم القيادي بحزب الأمة القومي، نصر الدين الهادي و الذي كان ينشط في ما كان يعرف بـ(الجبهة الثورية) العودة إلى السودان نهائياً! و سواء صحت الأنباء و عاد الرجل فعلاً إلى (قواعده) دون ان يعرف سالماً أم غير سالم

، فإن مغزى مثل هذه الانباء لا يكمن في العودة نفسها بقدر ما يكمن في الظروف و الملابسات و البدايات و النهايات! ذلك ان واحدة من ابرز ازمات القادة السياسيين في السودان الحسابات الفطيرة، غير الناضجة غير القابلة حتى للتذوق.
سياسي في المقاعد الوسيطة بالكاد بدأ يشق طريقه نحو المقاعد الامامية يساوره اعتقاد ان بإمكانه ان (يغير) الأوضاع السياسية برمتها في السودان عبر تحالف مع حملة السلاح! اذا أسقطنا هنا طبيعة اهداف حملة السلاح في قطاع الشمال و الحركات الدارفورية المسلحة ، فان السياسي -أي سياسي- لا يمكن ان يراهن على (عمل مسلح) يختصر الطريق إلى سدة القيادة!
السيد نصر الدين الهادي لو كان يمنح نفسه وقتاً ولو بضع دقائق يقرأ فيه سطور التاريخ قديمه وحديثه لأدرك إن العمل المسلح يفضي دائماً إلى نهايات غير سعيدة.
الرجل أهدر أكثر من 10 سنوات من عمره الإنساني و السياسي و هو يتحرك ما بين جوبا و كمبالا و نيروبي أملاً في ان تنجح الجبهة الثورية في الوصول -فاتحة- إلى الخرطوم! ورضي في سبيل ذلك إذلالاً نوعياً ليس له مثيل حين كان يُطلب منه في مرات كثيرة ان يبقى في الخارج لحين إكمال (اجتماع سري) لقادة قطاع الشمال مع خبراء أجانب!
السيد نصر الدين الهادي في بعض الأحيان كان يُطلب منه السكوت في بعض الاجتماعات و تم تذكيره بمخازي حزبه اليمينى ذو الميول الاسلامية في التعددية الثالثة! وفي أحيان كثيرة شكا الرجل لزعيمه السيد الصادق المهدي هجمات رفاقه في الثورية و تشكيكهم في مصداقيته، وممارسة تمييز سياسي ضده! ولم يعرف للسيد نصر الدين طوال هذه السنوات موقفاً سياسياً وطنياً يحاجج به أقرانه يوم النصر الذي ينتظرونه. فوثيقة الفجر الجديد الشهيرة التى ارتضاها ثم اكتشف انها مدمرة لتاريخه و تاريخ حزبه جعلته في موضع لم يكن يتصوره.
هجمات الثورية على مناطق أبو كرشولا واستهدافها المتعمد لمواطنين من مؤيدي حزب الأمة سلبته شرفه الانصاري إلى الابد! الآن لم يتبق للرجل من شيء يحتفظ به لصالح مستقبله، فقد تناثرت الثورية قطعة قطعة عقب الانقسام المدمر في قطاع الشمال، و عقب اندثار حركات دارفور المسلحة المطاردة من قبل قوات الدعم السريع!
عودة نصر الدين ليست عودة محمودة مصحوبة بشرف سياسي و نبل وطني؛ وإنما هي عودة مصاب حرب سياسي، فقد أطرافه السياسية و فقد قدرته على العمل ولم يمنح حتى فوائد ما بعد الخدمة، ولا اهتمت به جمعيات رعاية جرحى العمليات السياسية!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة