إعلان باريس.. الاتفاق علي مواصلة الحوار للوصول لصيغة مرضية لكل الأطراف

أخيراً أعلن الصادق المهدي عن موقفه، وأتخذ موقعه في باريس عاصمة الفرانكفونية وجلس أمام ياسر عرمان وعبد الواحد النور إلي يسار مالك عقار ليوقع علي إعلان باريس علي الناحية اليمني من الصفحة وعقار يوقع بعده علي الناحية اليسري ما يعني أن الطرف الذي بيده السلاح هو الأقوى والذي يأتي توقيعه إلي اليسار بينما ديباجة الاتفاق يعكس ترتيب التوقيعات تجعل الجبهة الثورية طرفاً أولاً وحزب الأمة طرفاً ثانياً.

فما هو الجديد الذي يحمله هذا الاتفاق؟ بل ما هو سر عملية الاستقطاب وإعادة الاصطفاف التي تشهدها تحالفات القوي المعارضة الذي يقوده فاروق أبو عيسي، كما أن عملية الموافقة علي الحوار الوطني من عدمها قسمت تحالف المعارضة إلي قوة مقاطعة للحوار وأخري متحاورة ثم خرج حزب الأمة عقب توجيه التهم للصادق المهدي واعتقاله من تحالف المتحاورين لتعلن بقية أحزاب المعارضة المشاركة في الحوار والتي بلغ عددها (17) تكوين تحالف القوي الوطنية  الذي لا يشمل حزب الأمة ولا أحزاب التحالف الذي يقوده فاروق أبو عيسي، لكن ذات المؤتمر الصحفي الذي شهد الإعلان عن ميلاد التحالف بدار حزب الإصلاح الآن شهد خلافاً واضحاً في الموقف من الحوار بين التحالف وحزب المؤتمر الشعبي نقله إلي المؤتمر الصحفي يومها المهندس الطيب مصطفي عضو التحالف عن مهاتفة تلقاها من الدكتور حسن الترابي، وها هو المهندس الطيب مصطفي نفسه يعلن تأييده التام لإعلان باريس مما قد يعني احتمال وجود عملية استقطاب جديدة بين تحالف المتحاورين قضيته الأساسية الموقف عن إعلان باريس؟ إذن ثمة عملية استقطاب حادة بين أحزاب المعارضة في تشكيل التحالفات يدعو للتساؤل حول وجود رافعة ما تسند هذه العملية وتحدث تنافساً بغية إدراك شئ ما؟ أما إذا نظرنا في تاريخ اتفاقات الأمة القومي مع تحالف المعارضة المسلح فجلها عبارة عن عملية إعلان نوايا التنسيق للعمل المشترك أكثر منها اتفاقات تنفيذية تتحول إلي برامج عمل، فقد سبق وأن جمع العمل المعارضة المسلح والمدني حزب الأمة مع بعض مكونات الجبهة الثورية الحالية مثل تلك التي انشطرت عن الحركة الشعبية لتحرير السودان وهي الآن تمثل قطاع الشمال وكذلك اليسار السوداني بلا فتاته المتعددة، لكن حصيلة الجانبين كما وثقتها تجربة التجمع الوطني الديمقراطي والتي أدت إلي فراق بينهما لم تثمر عامل ثقة أو عملاً مشتركاً ناجحاً.

حاشية:

تري الكثير من مكونات الجبهة الثورية في حزب الأمة مجرد اتكاءه للإيحاء للرأي العام السوداني أنها ليست علي خلاف مع التوجهات الدينية، بينما يقوم برنامجها كقوي ثورية ويسارية علي استئصال هذه القوي التقليدية الرجعية، كما أن كل حركات دارفور التي وقع معها المهدي في باريس هي تقتات علي تبعته في قواعده في دارفور مما لا قوة من تهميش وتمييز سلبي داخل الحزب أو في الحكم أيام توليه السلطة وهي بالتالي تنافسه علي ذات القواعد.

كما أن المختلف عليه أيدلوجياً والذي يحمل عبارات الخلاف في نص الاتفاق نفسه لابد وأن يطفو علي السطح (ناقش الطرفان بعمق علاقة الدين بالدولة كواحدة من القضايا الجوهرية واتفقا علي مواصلة الحوار للوصول لصيغة مرضية لكافة الأطراف) وهو ما يعني اختلافهما حول علاقة الدين بالدولة التي أدرجت في بند الحريات وليس المرجعيات مما يعني رؤية أحد الطرفين لها كعائق للحريات، وإلا فكيف يكون الحل مرضياً لليساريين وحزب الأمة في علاقة الدين بالدولة؟.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة