الحوار الوطني .. حين يتحفظ الترابي ..!!

من شأن التحفظ الذي أبداه الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي د.حسن الترابي على تحديد بعض المتطلبات من أحزاب المعارضة المشاركة في آلية الحوار الوطني لاستمرار الحوار الوطني ، والتي أعلنت في بيان لها ان تشمل خارطة طريق الحوار الوطني موضوع تكوين حكومة ذات مهام خاصة لمدة عامين لتنفيذ مخرجات الحوار، أن يفتح الباب مجددأ أمام مزايدات المعارضة حول ملف الحوار الوطني الذي يعده المؤتمر الشعبي قضية مفصلية ولا تقبل أي ابتزاز خاصة وأن الحوار قطع شوطاً مقدراً مما يحتم على الأحزاب المشاركة فيه إدارة المسائل الخلافية داخلياً ، فالأمور المختلف عليها – بحسب الشعبي - ليس مجالها المؤتمرات الصحفية وإنما طاولة الحوار.و"ما أقدم عليه زملاء الشعبي في المعارضة رأي يمثلهم وهو ليس الأصوب لأن قضايا الوطن تتطلب من الجميع المزيد من الصبر.

فخارطة الطريق المتفق عليها داخل آلية (7+7) كفيلة بقيادة مشروع الحوار إلى نهاياته المرجوة من قبل الشعب السوداني ، كما ان هناك تنازلات كبيرة تمت من قبل الحكومة بصورة مؤسسية قناعة منها بضرورة إصلاح الحال، حيث كانت دعوة الحوار أحد هذه التنازلات ، لذا فالأحزاب المعارضة والمتمردين للمشاركة في فعاليات الحوار للمساهمة في رفع المعاناة عن المواطنين، والقوى السياسية مطالبة بقيادة حراك وطني تجاه قضايا الحوار خاصة بعد الاتفاق على خارطة الطريق التي توافقت عليها آلية الحوار الوطني المكونة من أحزاب الحكومة والمعارضة.

والدخول في الحوار الوطني هو الحل الوحيد لمشاكل السودان الاقتصادية والأمنية.وصمام الأمان لوجود السودان هو الحوار الوطني لأن نتيجته غالب غالب، وأي سيناريو آخر سواء أكان انقلابا عسكريا أو تدخلا خارجيا أو ثورة شعبية فستكون نتيجته صفرية، وهذا لا يفيد السودان. فالحكومة بشرت بالحريات، ولكن هناك تيارات ضد الحوار، وتيارات رافضة للحوار الوطني داخل المؤتمر الوطني وداخل حزب الأمة وداخل حزب المؤتمر الشعبي.. وأيضا هناك دول خارجية تقف ضد الحوار الوطني في السودان، والجبهة الثورية وحاملي السلاح ضد الحوار الذي لن يمضي بسهولة ، لكن المشجع للحوار هو أن الرئيس عمر البشير شخصيا والقيادات العليا في حكومته، مؤيدون للحوار الوطني وهم واعون لمسألة عدم الدخول في حل غير متفاوض عليه.

والجميع هنا مطالب بالوصول إلى توافق سياسي أولا، مع التشديد على ضرورة التمييز بين القانون الساري والجوانب السياسية التي يجب التحاور حولها. فقوانين العقوبات والقانون الجنائي والأمن الوطني لا تلغى بجرة قلم، ولا تتم عليها أي إضافة أو تعديلات إلا بالتوافق السياسي الشامل، لأنه لا يمكن لجهة ما أن تلغي قوانين سارية إلا إذا حدث توافق سياسي في البلاد، ثم بعد ذلك توجد الآليات اللازمة لتحويل هذه الإرادة السياسية.

عموماً فإن كل تلك القضايا تصب في خانة احتمالات تعثر هذا الحوار وفي حالة كتب له النجاح والمضي قدماً. حيث يرى مراقبون أن الحوار الوطني يتأرجح على عتبات سيناريوهان محتملان بعد تداعيات اعتقال رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي . فالسيناريو الأول يتمثل في نجاح شامل للحوار من خلال وصول أطرافه إلى حل سياسي بشأن أزمات البلاد، والسيناريو الثاني يمكن أن يطلق عليه نجاح جزئي يتم عبر تقديم تنازلات من الحكومة والقوى السياسية وصولاً لتفاهمات وأرضية مشتركة. وهناك سيناريو ثالث وهو بعيد بعض الشيء بحسب مراقبين وهو فشل وانهيار الحوار الوطني في حال تمسك كل طرف من أطراف الحوار بمواقفه، وتحفظ الترابي الأخير على طرح وخارطة طريق المعارضة يشير بجلاء أن الرجل وحزبه قد تجاوزوا اصدقاء الأمس.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة