> برغم البرد القارس والجليد الذي يغطي وجه العاصمة الروسية، ويكاد يحجب وضاءة شوارعها وميادينها وطرقاتها وساحاتها وسقوفها وملامحها وكل مكان فيها، إلا أن موسكو كانت دافئة جداً وهي تحتضن الاجتماع الرابع للجنة الوزارية السودانية الروسية المشتركة. فقد كان الطقس الثنائي حاراً بين الجانبين ومختلفاً عن الشتاء الروسي الذي هزم من قبل نابليون بونابرت وهتلر وجيشه النازي واعتبره زميلنا وصديقنا العزيز رفيق الرحلة ضياء الدين بلال أن البرد والثلج هزيمة نكراء للماضي السوفيتي أيضاً، عندما كنا نمر أمام تمثال مؤسس الاتحاد السوفيتي السابق وقائد الثورة البلشفية (لينين) والتمثال البرونزي وحيداً في الميدان الذي يحمل اسمه في قلب العاصمة وقد غطت رأسه ووجهه الثلوج البيضاء وبدأ كمن جمِّدت أطرافه وتصلَّب جسده وتوقف عند محطة زمانية باردة تجاوزها الروس وعبروا منها الى أفق جديد، وروسيا العتيدة والجديدة التي بدأت فيها اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة أمس وهي ملمح من وجه العلاقة الوطيدة بين الخرطوم وموسكو .> اجتماعات الدورة الرابعة للجنة المشتركة التي تضم (17) وزارة ومؤسسة حكومية، والقطاع الخاص، تأتي في وقت دقيق للغاية بالنسبة للبلدين الصديقين ، وظروف دولية حادة الانعطاف، فالعلاقات السودانية مع هذا البلد العظيم بدأت منذ العام 1956 غداة الاستقلال، وفتحت سفارتنا في موسكو بعد عام واحد من الاستقلال ، واستمر التعاون الثنائي بين البلدين طيلة الحقب والعهود الماضية، وساهمت موسكو في مشروعات تنموية ونهضوية عديدة في بلادنا وأسهمت في تطوير الصناعة والزراعة والطاقة والتعليم والبني التحتية. وتشهد العلاقات أفضل مراحلها اليوم بتطور وارتقاء التنسيق السياسي والتفاهم والتناصر والتحالف القائم على دعم كل طرف للآخر في المحافل الدولية ، ووجد السودان روسيا حليفاً صادقاً وقوياً لا يساوم، ومد السودان يده نحوها من أجل مناهضة سياسة القطب الواحد ورفع الظلم والإجراءات والعقوبات الجائرة وانتهاكات القانون الدولي ومن أجل نظام عالمي عادل .> حققت اللجنة المشتركة التي ترأسها وزارة المعادن منذ صدور أمس تأسيسها كلجنة وزارية مشتركة عام 2013م العديد من الإنجازات والاتفاقيات في مجال مهامها واختصاصاتها كلجنة وزارية مشتركة للتعاون الاقتصادي والتجاري والثقافي والفني، وتُعنى بتطوير علاقات البلدين السياسية ومختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية الفنية ، وتشارك فيها وزارات القطاع الاقتصادي والتنمية الاجتماعية والخدمات والبيئة والتعليم والبنك المركزي والهيئة الاقتصادية الوطنية وولاية الخرطوم وعدد من الهيئات والمؤسسات الحكومية بالإضافة الى المصارف والقطاع الخاص .> في هذه الاجتماعات التي انطلقت أمس الاثنين بموسكو حرص رئيس الجانب السوداني في اللجنة الدكتور أحمد محمد محمد صادق الكاروري وزير المعادن، قبيل اجتماعات اللجنة المشتركة على ترتيب وإحكام تنسيق أوضاع الطرف السوداني وإجراء مشاورات واسعة مع وفود وممثلي كل الجهات السودانية وسفارتنا بروسيا ومراجعة مشروعاتنا المقدمة من كل الجهات والوزارات، واتضح من خلال الاجتماع التشاوري الذي سبق انعقاد اللجنة بساعات، حجم الموضوعات والمشروعات المُدرجة على جدول الاجتماعات وما تم إبرامه في الدورات السابقة من اتفاقيات ومذكرات تفاهم وخُطط للعمل المشترك ستكون هي مشمولات البرتوكول الشامل الذي سيوقع نهاية هذه الدورة يوم غد الأربعاء ويرأس الجانب الروسي السيد (سيرجي دونسكوي) وزير الموارد الطبيعية والبيئة في روسيا .> وصباح أمس بدأت أعمال اللجنة ولجانها الفرعية بعقد الاجتماع الأول في وزارة التنمية الاقتصادية وضم من الجانب الروسي ممثلي كل الوزارات المعنية بالبروتكول وأشغال اللجنة والشركات والوكالات والمؤسسات والمصانع الروسية في مجالات الطاقة والزراعة والصناعة والتعدين والطرق والمطارات وصناعة السفن والموانئ والتعليم العالي والجامعات والصحة بالإضافة الى البنوك الروسية والقطاع الخاص .. وتناولت الكلمات التي قُدمت في اجتماع الخبراء الرئيس خاصة السيدة ( نايليا شيرنوكوفا ) نائبة رئيس الجانب الروسي والمسؤولة الثانية في وزارة التنمية الاقتصادية ، ومن الجانب السوداني وكيل وزارة المعادن، أهمية التعاون السوداني الروسي واستعداد كل طرف للمُضي قُدماً في تثبيت دعائم العمل المشترك وفتح الطرق أمام كل المجالات .> فيما انخرط أمس وزير المعادن الدكتور الكاروري رئيس الجانب السوداني في اجتماعات مطولة مع وزير الموارد الطبيعية والبيئة رئيس الجانب الروسي وبعض الجهات الروسية الأخرى وشارك رجال الأعمال والقطاع الخاص السوداني من اتحاد الغرف التجارية والشركات السودانية التي تعمل في مختلف المجالات وبنك الخرطوم وبنك أم درمان الوطني في لقاءات مع نظرائهم من الجانب الروسي، ونظمت ورشة عمل مشتركة بين الجانبين كان حضورها كبيرا ًمن رجال الأعمال الروس .> من المهم الإشارة الى أن التطلعات كبيرة في أروقة اللجنة المشتركة خاصة من الجانب الروسي، وتعاني روسيا مثل السودان من عقوبات أوروبية ومحاولات استهداف واضحة ، ويقول كبار المسؤولين الروس على هامش الاجتماعات إن الإرادة السياسية بين البلدين متوفرة أكثر من أي وقت مضى للوصول بالعلاقات الى مصاف التحالف الإستراتيجي ..نواصل غداً. ..
تعليقات
إرسال تعليق