لماذا تركوا الدوحة وذهبوا إلى أديس؟

 

يعلم كل من عبد الواحد محمد نور ومنى أركو ميناوي وجبريل إبراهيم أن مفاوضات أديس أبابا لا تخص حركاتهم المسلحة لا من قريب ولا من بعيد، فإن لم يكن لشئ فعلى الأقل إستناداً إلى القرار (2046) الصادر عن مجلس الأمن الدولي العام 2013 والذي قصر المنبر الخاص بأديس أبابا على قطاع الشمال. لم يرد في متن القرار المشار إليه أي شئ يشير إلى حركات دارفور المسلحة.

كما أن هذه الحركات الدارفورية المسلحة – وحتى هذه اللحظة – لم تقل لا صراحة ولا ضمناً وحتى ولو لأغراض تكتيكية أنها قد انضمت إلى قطاع الشمال!! هي فقط تحاجج بأنها تمثل ما يُسمى بالجبهة الثورية ويخالجها شعور غريب أن المقصود بالمفاوضات في العاصمة أديس أبابا هم حملة السلاح على إطلاقهم!

ولهذا فإن السؤال الذي يتعين على هؤلاء الذين رافقوا عرمان إلى أديس دون أن تكون لديهم (بطاقات دعوة) وبدوا تماماً كالمتطفلين على مائدة لم يدعوهم أحد إليها هو لماذا ذهبوا إلى هناك؟ ذلك أن الأمر المثير للدهشة هنا أن قادة الحركات الدارفورية ظلوا ولأكثر من (8) أعوام يرفضون دعوات التفاوض التي تصل إليهم على أطباق ذهبية موشاه ولامعة! كما أن منبر الدوحة المفتوح على مصراعية منذ سنوات لم يتلق حتى الآن أدنى رغبة من قادة هذه الحركات للجلوس إليه.

وغني عن القول أن مبرراتهم بشأن رفض التفاوض – دون أدنى جدال – واهية!! فلماذا إذن تركوا منبرهم المفتوح باستمرار ولديهم فيه بطاقات دخول مصقولة، وفضلوا مرافقة عرمان – بلا بطاقات – إلى أديس؟ صحيح ربما كان المقصد هو إفشال عملية التفاوض، ولكن عملية الإفشال هذه كان من الممكن أن يتكفل بها عرمان الذي إكتسب دربة وخبرة جيدة في هذا المضمار ولم يعد يبزه فيها أحد!!

أو كان من الممكن أيضاً أن توكل عملية الإفشال هذه إلى (الأيادي الأمريكية) المستترة وراء الكواليس كما فعل المبعوث الخاص (دونالديوث) في خاتمة المطاف، وربما قال قائل أن ذهاب قادة الحركات بصحبة عرمان إلى أديس مخافة أن ينفرد عرمان باتفاق ثنائي مع الحكومة وتصبح بقية الحركات (وحيدة) وأكثر ضعفاً، ولكن الغريب في هذا الإفتراض أن الحركات الدارفورية (هي أكثر من ثلاث حركات) لا يمكن وزنها – بميزان متساوي مع قطاع الشمال فهي على الأقل تملك إقليماً أكبر من مساحة المنطقتين مجتمعتين!

وإذا ما قيل أيضاً أن قادة هذه الحركات رضخوا لنصائح أمريكية بضرورة تسجيل حضورهم هناك في أديس عسى ولعل أن (يمر الأمر) على الوفد الحكومي، فإن هذه دون شك بمثابة (سذاجة سياسية) من النادر – مهما كان رأينا في هؤلاء القادة الدارفوريين – أن نظن أنهم من الممكن أن يقعوا فريسة لها! إن كافة الافتراضات الممكنة وغير الممكنة يصعب إيرادها ومقايستها بالمنطق.

فنحن حيال حركات مسلحة مثقلة بديون سياسية وأمنية في دولة جنوب السودان حيث قاتلت هناك – دون أدنى وازع وطني – إلى جانب قوات في مواجهة قوات أخرى وألحقت أضراراً بمنشآت وأفراد وأسر جنوبية حتى لو تقاضى عنها المجتمع الدولي فإن من الصعب أن يتغاضى عنها شعب دولة الجنوب ونحن حيال حركات دارفورية مسلحة ابتلعتها رمال دارفور وغابت عن ميدان المواجهة الحقيقي بعد أن أعيتها الحيل وفقدت الدعم. بل أن هذه الحركات المسلحة حتى على مستوى الجبهة الثورية – وطوال أكثر من ثلاثة أعوام منذ إنشاء الثورية – لم يتسن لها رئاسة الثورية !! رغم أن النظام الأساسي يعطيها هذا الحق!

وعلى ذلك فإن الراجح في هذا الصدد أن قادة هذه الحركات الدارفورية في مأزق خفي فريد من نوعه الأيام المقبلة وحدها ربما تتكفل بالكشف عنه!!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة