النزاع القبلي .. أشد مضاء من حركات التمرد

التوقيع على الاتفاق الذي مهرته بطون قبيلة المسيرية أولاد عمران والزيود بمدينة النهود بغرب كردفان من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها في ولاية غرب كردفان ، في ظل تمدد الصراع القبلي في ولايات دارفور وكردفان ، ويعد الصراع القبلي بين قبائل رعوية وأخرى زراعية من مسببات إشتعال الحرب في دارفور التي اندلعت قبل أكثر من عشرة أعوام..والاحتراب القبلي في دارفور وكردفان أضحى يشكل مهددا ليس على الدولة فحسب بل على مكونات تلك المناطق الاثنية الامر الذي يهدد فناء طاقاتها البشرية ويهدر مواردها الطبيعية وثرواتها .نقول ذلك وبين ايدينا أمثلة عديدة لصراعات قبلية أسهمت بشكل كبير في تطاول ازمة دارفور وكردفان ، وهو أمر خطير حتى جعل نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن قبل ايام محذرا منه بقوله : (أن الصراع والنزاع القبلي بالبلاد أضحى أكثر خطورة على الأمن القومي من حركات التمرد المسلحة).

وجاء مؤتمر الصلح القبلي بغرب كردفان بمدينة النهود بين بطون قبيلة المسيرية أولاد عمران والزيود على وثيقة صلح لإنهاء النزاع القبلي الذي حصد (153) من الأرواح البريئة.فمخرجات المؤتمر أقرت بدفع مبلغ (15) مليون و(490) ألف جنيه كديات وغرامات تدفع بواقع (4) أقساط مقسمة على العام 2015م. وتم عزل الطرفين المتنازعين لمسارين مختلفين منعاً للاحتكاكات خلال العام الجاري والقادم، وتبادل أمراء المسيرية "النذير القوني" عن الزيود و"إسماعيل حامدين" عن أولاد عمران وثيقة عهد وميثاق بوقف القتال،

ويعد الاتفاق الاخييي يخطوة لوقف نزيف الدم والاحتراب القبلي، في ولاية غرب كردفان، ومما يدعو للتفاؤل بثبات الإتفاق وعدم انهياره كسابقيه وتحقيقه نتائجه المرجوة توفر الجدية لدى الطرفين وضمانات تنفيذه في وجود الدولة هذه المرة ممثلة في نائب الرئيس ووزير الداخلية ووالي الولاية .فدارفور وغرب كردفان تحديدا من المناطق التي تاثرت بشدة بهذه الصراعات ولم يكتب الله لهذه المناطق هدوءا منذ فترة ليست بالقصيرة، فتأتي المواجهات القبلية التي تندلع بسبب نزاعات الأرض والمياه ويغذيها حضور للسلاح وغياب للدولة في بعض مناطق دارفور، وأنحاء من كردفان.

ويرى محللون بان الحكومة مطالبة بالحزم في ملف العنف القبلي في دارفور وكردفان حتى لا يتمدد خاصة وأن هنالك أكثر من أربعين مؤتمراً للصلح بين القبائل تمت في الفترات الأخيرة، ولكنها لم توقف نزيف الدم وحالة الاقتتال المستمرة بين القبائل في أنحاء مختلفة من السودان، ولعل دارفور هو الإقليم صاحب النصيب الأوفر من هذه الحالات والمؤتمرات كذلك، وحتى ما يحدث في الأنحاء القريبة من دارفور في كردفان مثلاً فلا يخرج عن انه امتداد لتلك الحالات.ومؤتمرات الصلح هذه هي في الأصل الوسيلة المتبعة منذ أزمان قديمة في حلحلة المشكلات التي كانت تنجم بين فترة وأخرى بين القبائل، ولكنها أصبحت في نظر الكثيرين غير مجدية، ويمضي المحللون بالقول إلى أن مناطق كتم ومليط، وقبلها لأعوام مضت في كاس، شعيرية، تلس، برام، خور رملة، أبو جابرة وغيرها من المناطق بدارفور وجزء من كردفان،تاثرت بشدة بهذه الصراعات ولم تهدأ منذ فترة ليست بالقصيرة، كما لم يتوقف بها انعقاد مؤتمرات الصلح. ، رغم أن السبب الغالب في هذه الصراعات هو الأرض والمياه.حضور للسلاح وغياب للدولة في بعض مناطق دارفور، وأنحاء كبيرة من كردفان، هو عدم التمييز بين المواطن العادي وفرد القوات الأمنية، فالجميع مدجج بالسلاح. وهذا ما أجمع الكثيرون على انه السبب الرئيسي في اندلاع المواجهات بين القبائل.

عموما فإن إلتزام الحكومة الاتحادية والولائية بمقررات الصلح الأخير ، يبقى حجر الزاوية التي سيتكأ عليها السلام وحسن الجوار بين القبيلتين الجارتين إلا أن الخوف من شيطان التفاصيل سيخرج لنا لسانه عندما يحل موعد دفع الأقساط المالية الكبيرة التي رصدت للديات والتزمت بها الحكومة الاتحادية والولائية، فكم من صلح قبلي انهار بسبب عدم الإيفاء بما تم الاتفاق عليه.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة