إيران غاز..!!

يظل قرار إغلاق الثقافية الحدث الأبرز في الساحة السياسية السودانية إلي حين إشعار آخر.
في العام 1989م إن لم تخني الذاكرة وربما يصححني في هذا التاريخ الأستاذ فاروق أبو عيسي المحامي وكان وقتها الأمين العام لاتحاد المحامين العرب.. في ذلك العام استضافت الخرطوم مؤتمراً شعبياً عربياً ضم عدداً من الاتحادات والهيئات والأحزاب العربية باسم "مؤتمر الجماعات الأهلية لإيقاف الحرب العراقية الإيرانية" وكانت في ذلك الوقت علي أشهدها!!
ظاهر المؤتمر البحث عن جهد عربي لإيقاف الحرب.. و"باطنه" دعم العراق واوضح ذلك من عضوية المؤتمر والتي كان أغلبها  يناصر العراق!!
جاء الصادق المهدي بصفته رئيساً للوزراء وخاطب الجلسة الافتتاحية ولكنه أغضب الوفود العربية عندما ألمح في كلمته بضرورة معاقبة المعتدي في إِشارة ضمنية للعراق.
كنت صحفياً في بداية طريقي وكان السيد فاروق أبو عيسي رئيساً لذلك المؤتمر وأجريت معه حواراً كما رصدت وراء الكواليس في القاعات الجانبية مدي غضب الوفود العربية من كلمة رئيس الوزراء والذي بدأ منحازاً بشكل لا تخطئه العين لإيران.
الآن ربما يكون مفيداً هذا الاستدعاء والذي يبدو قريباً من مواقف الإنقاذ والتي بصورة أو بأخري لم تفلح في بناء سياسة خارجية متوازنة في الإقليم. 
مثل هذه "المقارنات" يجب أن يشتغل بها واضعو سياسات الدولة في المدي البعيد وأصحاب مراكز البحوث "إن وجدوا".. ومنها ينطلق السؤال المهم هلي تبني سياسة الدولة علي المصالح البعيدة أو علي الآيدلوجيات و"الشعارات" والتي أكدت الأيام عدم جداوها وهي سياسة للأسف ظلت طابع السودان خلال العقود الأخيرة وبدت آثارها المباشرة وحصادها المر فيها نشاهده ونراه الآن من حيرة وتخبط يكتنف علاقات السودان الخارجية والتي يري أغلب أفراد الشعب السوداني أنها قامت علي أحلاف "مرحلية" ربما تحقق بعض "الفوائد" ولكنها لا تجد قبولاً عند الناس ويكفي حجم التأييد والارتياح الذي يلحظه المراقب بسهولة لقرار إغلاق المراكز الثقافية الإيرانية الذي وجده في الشارع السوداني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة