تطور اقتصادى كبير يشهده السودان
الاسبوع الماضي احتفل السودان -بغبطة بالغة- باستقلال جديد. الاستقلال الجديد كان تجسيداً لعطاء وأداء اقتصادي أضاء شعلة مضيئة فى سمائه، حيث قاد السيد وزير النفط السوداني، الدكتور مكاوي عوض احتفال إنزال أعلام الشركة الصينية الوطنية للبترول وشركة بتروناس الماليزية وشركة (ongc) الهندية من سارية الوزارة، ورفع العلم السوداني وحده.
جرت مراسم الاحتفال بحضور ممثلي هذه الشركات إيذاناً بأيلولة الخط الناقل للنفط الممتد من حقول النفط مروراً بمصفاة الجيلي ثم الى ميناء التصدير فى بشاير والذي كان قد تم انشاؤه فى شهر يونيو 1999 بتكلفة بلغت حينها حوالي 1.2 مليار دولار تكلفت بدفعها -في ذلك الحين- الشركات المذكورة فى سداد ما عليها وفق التكلفة المذكروة ومن ثم أصبح الخط بكامله فى الوقت الراهن ملكاً خالصاً للسودان بنسبة سداد بلغت 100% .
وينظر العديد من المراقبين والمهتمين بالشأن الاقتصادي السوداني الى هذا التطور الاقتصادي الكبير باعتباره انجازاً اقتصادياً جديراً بالاحتفاء، إذ على الرغم من كل الظروف التى واجهها السودان طوال العقد ونصف الماضي من حروب على الأطراف بعضها ما يزال مستمراً، وعقوبات اقتصادية ما تزال تثقل كاهله، ومعاناة داخلية فى كيفية معالجة الموازنة العامة للدولة ومشاكل الاقتصاد المتمثلة في التضخم وغلاء الاسعار.. على الرغم من كل ذلك -وبما يشبه المعجزة- استطاع السودان على اية حال ان يسدد ما يفوق المليار دولار ليصبح الخط الضخم الذي يبلغ طوله 15.5 كيلومتر وقطر الانبوب 28 بوصة ملكاً خالصاً لحكومة السودان.
وبهذا يمكن القول إن السودان استطاع ان يحوز على اكبر عنصر من عناصر البنية التحتية للصناعات البترولية يجعله قادراً على الاستفادة استفادة حقيقية من بنيته الاقتصادية التحتية دون ان يشاركه أحد فيها، وعلى ذلك يمكن القول ان ايجار هذا الخط لدولة جنوب السودان -بعد هذه الايلولة- سوف يصبح ذا تأثير بالغ على ميزانية الدولة ومواردها، لأن هذا الايجار فى السابق كانت تخصم منه تكلفة الانشاء بواسطة الشركات الشريكة التى مولت عملية الانشاء ومن ثم كان المتبقي -بعد الخصم- أقل بكثير مما هو مرتجى ومطلوب.
ومن جانب آخر فإن مجرد امتلاك السودان لخط ناقل كهذا يعطيه سمعة دولية واقليمية جيدة، إذ ان اقتصاديات البترول فى كل دول العالم كما معروف تقوم على امتلاك الدولة المعنية للبنية التحتية الجيدة لاقتصاديات وعمليات النفط. كما ان استطاعة السودان –رغم كل الظروف التى أشرنا إليها– سداد ما عليه من قرض طوال الفترة الماضية يمنحه أيضاً سمعة دولية طيبة وسط الشركات العالمية العاملة في صناعة البترول وفى المجالات الاخرى ففي السوق الدولي فإن العبرة بتنفيذ الالتزامات والحرص على أداء الدولة المدينة لديونها الاقتصادية حتى تصبح دولة جديرة بالتعامل.
وتبقى هذه المناسبة السعيدة فى مجملها بمثابة عملية دفع للسودان نحو تحقيق ذاته فى ظل ما ظل يواجهه هذ البلد من عنت ومشقة من قبل قوى دولية بعينها تستكثر عليه أن ينهض ويتقدم، وهذا ما جعلنا نقول ان احتفال السودان بأيلولة هذا الخط، كان في الواقع احتفالاً موازياً لاحتفالات رفع العلم فى مناسبة الاستقلال فى الاول ما يناير 1956 ففي الحالتين كان السودان يضع خطواته على عتبات خضراء جديدة متسلحاً بإرادة فولاذية لا تلين.
تعليقات
إرسال تعليق