لماذا وقف الاتحاد الأفريقي هذا الموقف؟

سارع الاتحاد الأفريقي – وفور الإعلان عن نتيجة الاستفتاء الأحادي الجانب الذي أجري بواسطة دينكا نوك في أبيي – برفض النتيجة ورفض الأجراء برمته وعدم الاعتراف به.
وقال الرئيس الأثيوبي (هيلي ماريام ريساليين) الذي يترأس الدورة الحالية للاتحاد، أن الاتحاد يرفض النتيجة، وأن الحل في نزاع أبيي ينبغي أن يستند الي قرارات مجلس السلم والأمن الإفريقي.
ولعل هذا الموقف من قبل الاتحاد الأفريقي هو أول رد فعل رسمي يصدر عن منظمة إقليمية بهذا الخصوص.
ولهذا فقد كان من الضروري جداً قراءة هذا الموقف ومحاولة سبر غوره وما تضمنه من محددات لطبيعة النزاع وأفق الحل المرجو.
أولاً: رفض الاتحاد الأفريقي للإستفتاء الذي أجري وما ترتب عليه من نتيجة يعني – وببساطة شديدة للغاية – أن دينكانوك لم يفعلوا سوي أنهم تكبدوا مشاق العملية الخاسرة لأن النتيجة التي خلصوا أليها –وقد كانت متوقعة بنسبة مائة بالمائة – لا تعبر عن حقيقة الوضع – وذلك ببساطة أيضاً-  لأنهم لم يجروا الاستفتاء بالطريقة القانونية الصحيحة وبشمول أطراف أخري، وإذا ما أقر الاتحاد الأفريقي نتيجة كهذي في نزاع كهذا يضم دولتين فإن من الممكن أن ينفرط عقد النزاعات المماثلة في القارة الأفريقية وما أكثرها في الصحراء الغربية، وفي إقليم أو جادين، والمناطق المتنازع عليها بين العديد من دول شرق وغرب ووسط إفريقيا.
ولعل لهذا السبب مقروناً من أسباب أخري عديدة فإن من المحتم أن يصر الاتحاد الأفريقي علي رفض الإجراء بصورته التي تمت الي آخر الشوط.
ثانياً: رفض الاتحاد الأفريقي للنتيجة يعني أيضاً، أن دينكانوك في الواقع ليسوا أصحاب حق حقيقيين لأنهم لو كانوا كذلك لحرصوا غاية الحرص علي إجراء استفتاء صحيح، فصاحب الحق الحقيقي غالباً ما يحرص علي أن يتعامل مع النزاع بيدين نظيفتين (clean hamd) ويحرص علي ألا تشوب آليات الحل المقررة أية شوائب، وربما حظي الاتحاد الأفريقي لهذه النقطة المهمة ومن ثم قرر رفض النتيجة لإدراكه أن دينكا نوك علي أيه حال أضعفوا موقفهم تماماً.
ثالثاً: حرص الاتحاد الأفريقي علي رفض النتيجة يعني أيضاً أن الاتحاد لا يمكن – أن يقبل نتيجة عمل خطير وبعيد الأثر كهذا وهو غائب عنها ونحن نعلم أن الاتحاد الإفريقي ممثلاً في مجلس سلمه وآمنة بات حريص كل الحرص علي أن يكون جزءاً من حل أي نزاع بين أطراف إفريقية فإذا لم يكن حاضراً لإجراءات الاستفتاء فمن المستحيل أن يقر النتيجة ومن ثم يرسخ قاعدة خطيرة تجعل من دول القارة يحتكمون لقانون القوة والأمر الواقع.
رابعاً: رفض الاتحاد الأفريقي للنتيجة يعززه رفض كلا الدولتين – السودان ودولة جنوب السودان – للإستفتاء، إذ لا يمكن تحرير عمل كهذا في غياب طرفيه الرئيسين وغياب الوسيط وهو الاتحاد الأفريقي وبقية الأجهزة والمنظمات الدولية.
وهكذا فإن موقف الاتحاد الأفريقي في الواقع قائم علي فرضية قانونية قوية فهو ليس مجرد موقف سياسي فحسب وإنما هو موقف قانوني من المستحيل أن يحيد عنه قيد أنمله وإذا فعل فقد قضي علي مصداقيته الي الأبد!!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة