الكلفة اليومية الباهظة للاحداث في السودان!


 مع الاقرار دستورياً وقانونياً بحق المحتجين السودانيين في الاحتجاج و التظاهر السلمي وحق التعبير عن عدم الرضا على سياسيات الحكومة؛ فإن السقف القانوني لهذه الاحتجاجات في إيصالها لرسالتها، إذ ليس متصورا ان المطالبة بالاصلاح و معالجة الازمات تتم بينما الشوارع و الطرقات تموج بالاحتجاجات.
ففي مثل هذه الحالة لن يستن للحكومة –مهما أويت من مهارة وقوة– انجاز الاصلاح المطلوب و إنفاذ المعالجات المنتظرة، فالحكومة اضطرت لاستنفار القوى النظامية ليس بهدف حظر النشاط الاحتجاجي، بقدر ما انها فعلت وما تزال تفعل ذلك للحفاظ على بيضة الامن، و للحيولة دون حدوث إنفلات من شأنه ان يقود الى دمار الدولة و تحطم ركائزها!
ومن المؤكد هنا ان الحكومة السودانية وهي تعالج مسببات الازمة -مع صعوبة المعالجاتـ و الكلفة العالية جدا و المتمثلة في دعم مالي ضخم اضطرت لتقديمه لضمان تثبيت سعر الخبز و الوقود ، فان الاحتجاجات -للاسف- اضافت لهذه الكلفة الباهظة كلفة باهظة اخرى تمثلت في حالة الاستنفار و حراسة المنشآت الاستراتيجية وضمن السير العادي للامور حتى لا يتعطل دولاب العمل و تزداد  الموازنة العامة سوء.
وتشير مصادر عليمة في العاصمة الخرطوم  تحدثت لـ(سودان سفاري) ان الحكومة السودانية ومنذ اندلاع عمليات الاحتجاجات و التظاهر تتكلف يومياً ما يفوق الـ2 مليون دلاور لمواجهة معالجات الازمة المتمثلة فى الدعم، و قيامها بدورها الامني البالغ التعقيد للمحافظة على امن و استقرار البلاد!
الامر هنا يشبه الكلفة اليومية البهظة التى ظلت تسددها الحكومة السودانية طوال حرب الجنوب و الحرب في درافور التى تأكل موارد الدولة كما تأكل النار الحطب، وهو ما يمكن ان يستشف منه ان هناك جهات وقوى اجنبية ما تزال تطارد الدولة السودانية وتمنعها من التنمية و التطور باستنزاف مورادها، و الحيلولة دون توجيه هذه الموارد لصالح بناء الدولة وترسيخ التنمية ونشر الخدمات فى مختلف ارجاء البلاد.
ولئن كان من الطبيعي ان يكون للسودان اعداء و متآمرين على قيمه ومبادئه هدفهم الرئيسي عرقلة تطوره ؛ فان من المدهش ان يكون للسودان ذات النوع من الاعداء من بين بنيه و من صلبه! إذ ان من المؤكد ان قادة القوى المعارضة الذين يحرضون الان على هذه الاحتجاجات يعلمون ان هذا المسلك يستنزف قدرات و موارد الدولة، وربما يهلكها و يعيدها عقود للوراء.
ويعلمون او يجب بالضرورة ان يعلموا ان هذ العمل الاخرق بات مهدداً أساسياً لنواة الدولة السودانية ومن الممكن ان يفضي إلى طمر الدولة بتراب التمزق والانهيار التام، ومع ذلك لا يأبهون ولا يلقون ادنى اهتمام لما يجري مع ان بعض قادة هذه القوى المعارضة كانوا رجال دولة ولديهم إلمام عميق بكل حقائق واقع الدولة، واسرارها ومواردها! ان الاحتجاجات المتطاولة -عديمة الجدوى السياسية- ما هو الا انهاك متعمد من قبل قوى بعنيها ، الخاسر فيه دون شك السودان الوطن و بنيه الأبرياء

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة