لماذا يكرهونهم؟

لماذا يكرهونهم؟
لسوء حظ القوى السياسية المعارضة في السودان إن الاحتجاجات الاخيرة و ان بدت ضد الحكومة السودانية ؛ إلا انها في ذات الوقت شكلت مقتاً و كراهية واضحة المعالم ضد الاحزاب السياسية وعلى وجه الخصوص الحزب الشيوعي السوداني، ومؤخراً وعقب اعلان الصادق المهدي الاخير عن انضمامه لها، حزب الامة بزعامة الصادق المهدي.


وقد ذاع بيان مكتوب مؤخراً و مذيل باسم المدعو عضو سالم الدرديري تحت لافتة اطلق عليها (إتحاد شباب قوى الشعب) هاجم البيان الحزب الشيوعي وحزب الامة القومي وبعض  الاحزاب -ذات النزعة الانتهازية- التى رأى البيان انها تحاول خطف الجهد الشبابي المبذول!
البيان اعطى وصفاً حياً و دقيقاً لحالة التشطي والتوهان والانقسامات التى ضربت الحزب الشيوعي في السنوات الاخيرة، و فشل الحزب رغم كل ما يقال عنه من حنكة تنظيمية في معالجة مشاكله الداخلية. حزب الامة القومي بزعامة المهدي هو الآخر تشطى و تقسم حتى صار مضرب مثل في هذا الصدد، بحيث تعددت أوصاف الحبز  وتعدد قادته و تداخلت المسميات!
هذا البيان يمكن اعتباره نموذحاً لما هو عليه الحال سواء في الشارع السياسي العريض، او بين المجموعات الشبابية التى لم تعد تطيق هذه الاحزاب التاريخية البالية.
وحقيقة فان المتمعن في هذه القوى التقليدية المتكلسة المفاصل يلاحظ انها: أولاً بالنسبة للحزب الشيوعي يكفي أنه (يخجل) وتحمر خدود قادته خجلاً من القيام بأي نشاط سياسي علني . لا يجرؤ الحزب مطلقاً على العمل تحت اشعة الشمس، وفي وضح النهار و ذلك لسبب على قدر كبير من البساطة يتمثل فى ان الحزب (غير صالح) لانبات افكار وطنية سودانية متواءمة مع الارض الفكرية الفطرية السودانية.
الحزب الشيوعي سبق و ان خاض تجربة مريرة عام 1971 حين سارت مواكبه في طرقات الخرطوم و هي تردد ( سايرين في طريق لينين) و (الخرطوم ليست مكة)! كانت نتيجة هذه المغامرة المدمرة ان الشعب السوداني ودون ان يدفعه أحد خرج الى الشوارع مؤازراً رئيسه النميري منادياً بعودته في اعقاب الانقلاب الشيوعي المشئوم في يوليو 1971 وكانت تلك نقطة تاريخية مفصلية وعلامة فارقة ادرك فيها الحزب الشيوعي ان الارض في السوان غير صالحة لانبات افكاره التقدمية الحمراء.
ومنذ ذلك الحين لم يعد الحبز يجرؤ على مجرد الاعلان عن نفسه  دعك من ان يقيم منشط او عملاً سياسياً تحت اسمه وعلى مسئوليته. و ربما من هذه النطقة اختار الحزب اسلوب ارتداء الاقنعة، و التخفي داخل التنظيمات الاخرى، ووضع النقاب السياسي على وجهه خشية الافتضاح!
ثانياً، الحزب الشيوعي السوداني لم يعد يحتمل حتى آراء اعضاء لجنته المركزية و اضطر (كبار السن) و الطاعنين في القيادة الذين بلغوا ارزل العمر السياسي إلى فصل الاعضاء الاقل طعناً في السن الاكثرة شبابية ، و ما فصل الشفيع خضر عن الاذهان ببعيد! ولهذا يدرك العديد من المراقبين ان حزب بهذه الممارسة وهذا التكلس، من المستحيل ان يقود او يشارك في عمل سياسي مفيد او مثمر لصالح الوطن.
ثالثاً، حزب الامة بزعامة المهدي اشتهر بالتقلبات المتتالية فالمهدي يطلق اليوم موقفاً و في صبيحة اليوم التالي (يباغت) نفسه بموقف معاكس ومختلف لما أطلقه بالامس، والرجل صار ثمانينياً ، خط الزمان على وجهه وعلى صوته وحركة يديه ما خط من دلائل العجز و فقدان القدرة والحيوية و ليس من المنطق في شيء الركون لقائد بهذه المواصفات المضطربة.
اذن تكفلت القوى السياسية المعارضة بفرملة و إيقاف الحراك، وتقليل حماسة الشباب ان لم يكن نزعه تماماً، فهذه القوى القديمة ذات التاريخ المبكي والمضحك لا يرغب أحد ان يسلمها رقبته والرسالة – لسوء الحظ – وصلت على بريدهم وإن تظاهروا بعدم إستلامها!  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة