الأطفال وإحتجاجات السودان.. أين الحقيقة؟


 قالت منظمة اليونسيف فى بيان صادر عنها عبر المدير الاقليمي لمنطقة الشرق الاوسط وافريقيا ان الاطفال فى السودان الذي يشهد احتجاجات شعبية فى حاجة الى حماية وان الأنباء المتوفرة بهذا الصدد تشير الى عدم تمكنهم من المداومة فى مدارسهم جراء الاضطرابات الجارية، مطالبة بعدم استخدام الاطفال في السودان فى الاحتجاجات والتظاهرات!
 
المجلس القومي للامومة والطفولة فى السودان أصدر بياناً من جانبه اعرب فيه عن قلقه من إشراك الاطفال فى التظاهرات لان ذلك يتنافى تماماً مع حقوقهم وتكوينهم النفسي، ومن شأن تعريضهم للعنف والمشاهدة اصابة صحتهم النفسية بإعتلالات عميقة الأثر. ومن المؤكد ان منظمة اليونسيف اصدرت بيانها هذا مدفوعة بقلق على خلفية انتشار صورة لطفل فى وسائط التواصل الاجتماعي قيل انه لقي حتفه فى الاحتجاجات، بينما الحقيقة التى سرعان ما أثبتتها الاحداث ان الصورة المروّج لها هي صورة قديمة لطفل برازيلي الجنسية فى حوادث سابقة بالبرازيل ولا صلة للصورة بأحداث السودان.
ولا شك ايضاً ان منظمة اليونسيف لم تكن تعلم ان الحكومة وحال اندلاع الاحتجاجات سارعت من باب التحوط وتجنيب الاطفال اية حوادث او أحداث الى اغلاق المدارس فى كل ولايات السودان، كما ان القوانين السودانية -المتسقة في هذا الصدد مع المواثيق الدولية- تجرم استخدام الاطفال فى اي اعمال عنف او تجنيد فى اية منظمات عسكرية.
وتجدر الاشارة هنا الى ان الحكومة السودانية وقعت فى العام 2016 على خطة عمل مع البعثة المشتركة لمهمة حفظ السلام فى اقليم دارفور (اليوناميد) تحظر استخدام وتشغيل الاطفال فى مناطق النزاعات وهو أمر يمكن اعتباره أنموذجياً بدرجة كبيرة لكونه وضع حداً لانشطة بعض الحركات المسلحة فى تجنيد الاطفال واستخدامهم و تشغيلهم في مناطق النزاعات.
وعلى ذلك بالطبع ليس صحيحاً وفق بيان اليونسيف ان الاحداث الاخيرة افضت الى مقتل واصابة العشرات من الاطفال، فعلاوة على ما اشرنا اليه أعلاه، فان اليونسيف نفسها أقرت بما أسمته صعوبة التحقق من التقارير الواردة فى هذا الخصوص.
ولن يغيب من البال فى هذا الصدد ان بعض القوى السياسية المعارضة تستخدم بعض الصبية الايفاع خاصة داخل الاحياء لقدح زناد الاحتجاجات وتأجيج الاوضاع بغية إلقاء اللوم فى خاتمة المطاف على الحكومة السودانية. والمتابع لبعض الاحتجاجات خاصة فى احياء معينة في العاصمة الخرطوم يمكنه ان يلاحظ هذا المسلك غير الانساني وغير الاخلاقي الذي تستخدمه القوى المعارضة، وهي  تنتوي خلق حالة تعاطف دولي جراء الادعاء بسقوط قتلى ومصابين من الاطفال!
لقد كانت الحكومة السودانية وما تزال شديدة الحرص من واقع مسئوليتها الاخلاقية على تجنيب الاطفال اية تداعيات سياسية او أمنية مهما كانت الظروف، ولعل الخبرة الطويلة التى اكتسبها في هذا البلد من واقع النزاعات المطولة سواء فى جنوب السودان على ايام الحرب او اقليم دارفور او جنوب كردفان تظل هي النبراس الهادي للحكومة السودانية في هذا الصدد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة