في باريس (حفل تأبين الجبهة الثورية)!

 في ظروف صعبة ومحزنة بدأت اجتماعات المؤتمر العام للجبهة الثورية بالعاصمة الفرنسية باريس أواخر الأسبوع الماضي. الحاضرين الذين تسنى لهم تكبد مشاق السفر لم يزيدوا عن أركو مناوي، وجبريل ابراهيم، والشفيع خضر، ممثلاً عن قطاع

الشمال الخاص بمالك عقار، والتوم هجو. وقد اكتفى السيد الصادق المهدي زعيم حزب الأمة القومي بمخاطبة المؤتمر عبر (الفيديو)!
 جبريل ابراهيم زعيم حركة العدل والمساواة والذي يترأس المؤتمر القى بكلمة تكفي هي فى حد ذاتها لإعطاء التوصيف الحقيقي للجبهة الثورية، فقد تحدث عن ضرورة مراجعة أداء الثورية والوقوف على الأسباب التى عرقلت مسيرتها وفشلها فى التغيير!
وقال جبريل (ان ضعف المعارضة جعل النظام باقياً)، وفى عبارة مجللة بالحزن العميق والخيبة الظاهرة ضغط جبريل على لسانه وهو يقول (من البديهي ان يقدم الغرب مصالحه الخاصة على مصالح الآخرين)! وأن (يتعامل بواقعية مع الحكومة القائمة ولو على مضض)!
وكان واضحاً لكل من تابع أجواء المؤتمر فى بدايته ان المشهد العام للبدايات حمل عنوان النهاية. فقد تغيب عبد الواحد محمد نور تماماً ولم يحضر نيابة عنه احد! وعبد الواحد كما هو معروف مهزوم فى الميدان العسكري وما يزال يلعق جراحه النازفة وقواته أصبحت أثراً بعد عين وأسلحته تفرقت بين أيدي قوات الدعم السريع التى أصبحت بُعبُعه المخيف!
 عبد الواحد اتخذ لنفسه (عزلة) خاصة يداري من خلالها أوجاعه وآلامه وخيباته التاريخية، فلا هو حصد اتفاق سلام مشرف وضع بموجبه سلاحه وخدم وطنه وأهله فى دارفور؛ ولا هو حصد انتصاراً عسكرياً يجعله متميزاً وقادر على فرض راؤه على رفاقه فى الثورية؛ ولا هو احتفظ بالغلالة السياسية السميكة التى كانت قد أسبغتها عليه باريس فى عهد ساركوزي و كوشنير، حين كان يرتع فى مقاهي وحانات باريس و ينتظر الصعود الى الطائرة -فاتحاً- لتحط على الخرطوم!
تبددت بتوالي الأيام، وتراخى عضلات جنده، فى سفوح جبل مرة، وتراجع الدعم اللوجستي، و تبددت الآمال العراض وبدا أنها لم تزد عن كونها وهماً من الأوهام . عبد الواحد غاب لأنه (أصلاً غائب) عن الدنيا و الواقع!
وأما جبريل ابراهيم فهو عبّر عن مرارة هزيمته فى قوز دنقو ابريل 2014 بلا مواربة حين قال (ضعف المعارضة جعل النظام باقياً)! يا للهول، حتى بعد كل هذا الدعم اللوجستي و التسليح والدولارات المتدفقة والمطارات الخلوية السرية المؤازرة المعنوية تكون (المعارضة ضعيفة)؟
 هل كان جبريل يقصد (ضعف قوة السلاح المعارض)، أم ضعف المعارض الوطني الأخلاقي والقيمي؟  أما مناوي فهو (مهزوم حديثاً) ما تزال تباريح الهزيمة تفري كبده و تؤلم قلبه و تبكي عينيه كلما أرخى الليل سدوله عليه. مناوي لم يعد يجد حتى (الحلة) التى يأكل منها بعد ان رفض اتفاقية أبوجا وسخر من أنه لم يكن يمثل (مساعد حلة)!
الصورة كلها عبثية ، مجرد ساسة وحملة سلاح مهزومين عسكرياً وسياسياً و توجت هزيمتهم بأن (الغرب قدم مصالحه الخاصة على مصالح الآخرين)! ما من شك ان جبريل ابراهيم هو يطلق هذه العبارة كان ينتظر ومعه رفاقه أن يقدم الغرب مصالح الآخرين على مصالحه الخاصة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة