كثفت الحركة الشعبية قطاع جهودها للتنسيق مع قوي الإجماع الوطني والعمل على
توحيد المعارضة المسلحة والسلمية، وذلك تزامناً مع الدعوات المغتضبة التي
نادت بها القوي المعارضة الإسبوع الماضي بغرض تنظيم مظاهرات احتجاجاً على
الإجراءات الإقتصادية الأخيرة ، ولم يتوانى الأمين العام للحركة الشعبية
ياسر عرمان في ضم صوته لصوت المعارضة السياسية داخل السودان في محاولة
لإحياء التحالفات القديمة ، ونادي عرمان القوي المعارضة بضرورة التريث الي
حين الإتفاق على الوجهة والشعارات وطالب بعدم التشتت كما تعهد بأن الحركة
الشعبية حال استمرار قوي المعارضة في الإحتجاجات ستقوم بعمليات تصعيد دولي
واسعة .
اثار رفض الحزب الشيوعي الخروج في مظاهرات هذه المرة بمعزل عن القوي
المعارضة الأخرى حفيظة قطاع الشمال الذي حاول مغازلة حزب المؤتمر السوداني
ورفع شعارات تنادي بضرورة اطلاق سراح المعتقلين من قيادات الحزب ، الأمر
الذي دفع الحزب الشيوعي الى محاولة اقصاء المؤتمر السوداني ، لتعود
الخلافات بينهما مرة اخري على السطح ، وقد سبق أن اختلف الحزبان ابان
مشاركة المؤتمر السودانى بقيادة عمر الدقير فى إجتماعات نداء السودان فى
باريس واعتُبرت تلك المشاركة تمثيلاً لكيان نداء السودان ، كما انه ليس
ببعيد عن الذاكرة انتقاد الحزب الشيوعي لتجربة التحالف ووصفه بأنها كانت
تضييعاً للوقت واعتبرها عملاً فوقياً من خلال الوثيقة السياسية التي أعدتها
قواعد الحزب قبيل المؤتمر العام الرابع للحزب والتي تحدثت عن ضعف العمل في
داخل تحالف قوى الإجماع الوطني ودعت إلى التركيز على التكتيكات وليس
التحالفات.
وعلى الرغم من أن الخلافات ظلت سمة ملازمة لتحالف قوي الإجماع الوطني الا
أنها بلغت ذروتها حينما اصدرت قيادات التحالف قرارات بتجميد عضوية خمسة
أحزاب دفعة واحدة، وهى حزب المؤتمر السوداني وحزب البعث وحزب تجمع الوسط
والحزب القومي السوداني والتحالف الوطني السوداني وهي ذات الأحزاب التي
وقعت على خاطة الطريق.
يبدو أن انضمام معظم الأحزاب المعارضة الى الحوار الوطني افسح المجال
السياسي لتحالف قوي الإجماع التي اصبحت تنافس بعضها البعض في ظل وجود
الحركة الشعبية قطاع الشمال التي تسعي للإستقواء بمعارضة الداخل بعد
التغييرات الإقليمية التي طرأت علي الساحة بجانب فقدانها مواقعها
الإستراتيجية وخسارتها للميدان.
ويقول الباحث السياسي ياسر عمر أن التقارب بين الحركة الشعبية وحزب المؤتمر
السوداني ومحاولة تصوير قيادات حزب المؤتمر السوداني على أنهم ابطال
المعارضة بمعزل عن احزاب التحالف الأخري أمر أزعج الحزب الذي الشيوعي أحد
مكونات تحالف قوى الإجماع الوطني والذي يطمح في قيادة التحالف والإمساك
بزمام المبادرة في العمل المعارض ، خاصة وأنه قاد حملات عديدة خلال الفترة
الماضية من اجل التشويش على الحوار الوطني دون أن تنجح مساعيه في تعطيله ،
وعندما جاء توقيع احزاب المعارضة كحزب الأمة والحركات المسلحة على خارطة
الطريق التي كان الحوار جزءاً أصيلاً في مسودتها ثارت ثائرته ضد الأحزاب
التي ساندت هذا التوقيع ، ويضيف عمر أن هناك تنافس محموم بين الحزب الشيوعي
والمؤتمر السوداني، ففى الوقت الذى يقدم الحزب الشيوعى نفسه بأنه ملك
العمل الجماهيرى ، فأن حزب المؤتمر السودانى يتصارع من اجل الهيمنة على
الشارع وتحريك العمل الجماهيرى حتى لو كلفة ذلك التعاون مع الحركة الشعبية
منفرداً ، واضاف الحزب الشيوعي الآن بات يستهدف بتكتياته وسط المعارضة شل
تحركات حزب المؤتمر السودانى المفضل بالنسبة لقطاع الشمال والمهيمن على قوى
نداء السودان بعد ان طويت صفحة الجبهة الثورية .
مما لا شك فيه أن احزاب تحالف المعارضة غير الموقعة علي خارطة الطريق اصبحت
في الي مستقبل مجهول وفي مقدمتها الحزب الشيوعي الذي عانى مرارات
الإنقسامات الداخلية ، فضلاً عن الصراعات الخارجية مع بعض الكيانات التي
سحبت منه بساط المبادرات لتغيير النظام ممتمثلة في الحركة الشعبية قطاع
الشمال ، فالمشهد الماثل امام المتابع للساحة السياسية هو أن قوي المعارضة
بشقيها السلمية والمسلحة تواجه مأزقاً سياسياً حيث تتساقط مجموعاتها وتنسحب
واحدة تلو الأخري ، فبعد استمالة ياسر عرمان للمؤتمر السوداني ومناداته
بضرورة توحيد الأهداف والشعارات يبقي المراقب للساحة الساحة السياسية في
إنتظار ما ستسفر عنه تلك المغازلة ولأن السياسية متغير غير ثابت… فمن يدري
فربما يدير عرمان ظهره للمؤتمر السوداني ليحول وجهته الي الحزب الشيوعي.
تعليقات
إرسال تعليق