هل هؤلاء سودانيون ؟

من الخطأ أن يعتقد أمثال ياسر عرمان وعبد العزيز الحلو ومالك عقار وآخرين أن عبثهم وتلاعبهم بالمفاوضات الجارية بينهم وبين الحكومة السودانية وتعنتهم من حين لآخر هو موضع حفاوة لدى السودانيين، أو أن السودانيين أقل ذكاء من أن يدركوا خطل هذه اللعبة البائسة!
هذا العبث بالمفاوضات والتلاعب بالشأن السوداني ومصائر أناس بسطاء تعطلت حياتهم مزارعهم وفقدوا ثرواتهم الطبيعة، فقط لأن هنالك ذوي طموحات يستخدمون هذه الظروف لصالح طموحاتهم الخاصة، لن يكون ثمنه سوى فشل مريع لهؤلاء القادة وخسران مبين في خاتمة المطاف. 
حتى الآن انقضت 10 جولات تفاوضية لم يتحرك فيها التفاوض قيد أنملة! إذ ما تزال القضايا محل التفاوض مجهولة دعك  من الأجندة التفاوضية وإمكانية التوافق حولها. إن مثل هذا الوضع في بلد كالسودان كره الحرب وتكاليفها الباهظة وزادت معاناة الناس جراء هذه الحرب لن يقابله السودانيين برضاء وقبول، إذ أن الأمر في خاتمة المطاف حرب على حياة مستقرة بادر بها هؤلاء الذين يرفضون الآن -وبإصرار غريب- وضع حد لها!
إن النتائج المترتبة على هذا العبث المؤسف من قبل قادة قطاع الشمال وحركات دارفور بعملية السلام والشأن السوداني في المناطق التي تشهد أعمال عنف وحروب يمكن أن نضعها في نقاط أسياسية:
أولاً، سيذكر التاريخ القريب والبعيد أن هؤلاء القادة حتى حين حملوا السلاح لم يحملوه على أساس (فكرة) أو رؤية وهو أمر يعني أنهم من الأساس ليس لديهم منطق سياسي بدليل أنهم في كل مفاوضات يدخلون إلى التفاوض بهدف إفشاله! 
ثانياً، إن رفضهم للإغاثة والعمل الإنساني فيه أسطع دليل على أنهم غير مهتمين تماماً بما قد يؤول إليه حال أهلهم الذين يرزحون تحت ظروف قاسية ومؤلمة. في كل الدنيا ومهما كانت ضرورة الخصومة والعداء بين المتحاربين هناك اهتمام شديد بالجانب الإنساني فما بالك بمناطق يطلق عليها هؤلاء المناضلين (مناطق مهمشة) ومع ذلك يمنعون عنها هم -على تهميشها- أقل حد للعمل الإنساني!
ثالثاً، وجود رجل كياسر عرمان الذي لا صلة له بالمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق) في هذه المفاوضات لهو أقوى دليل مادي على أن المقصود هو استخدام قضية الحرب في هاتين المنطقتين -تكتيكياً- لأغراض أخرى مغايرة تماماً! 
رابعاً، وجود أشخاص يطلق عليهم (خبراء ومستشارين) ينتمون على وجه الخصوص للحزب الشيوعي السوداني في أروقة المفاوضات يوضح بجلاء أن المنطقتين -للأسف الشديد- ليست سوى قميص يجري رفعه والتلويح به لصالح آخرين. 
خامساً، قادة قطاع الشمال والحركات الدارفورية المسلحة هم الآن -في كل أرجاء السودان- موضع استهجان واستنكار لعدة أسباب: السبب الأول أنهم استمرءوا الحرب رغم انتفاء الحاجة لها في ظل وجود منابر للتفاوض، ومشروع وطني عام للحوار الوطني. ما من سوداني عاقل أو غير عاقل يقف الآن مؤيداً لهؤلاء المتعنتين رافضي التفاوض في ظل وجود سوانح وفرص حقيقة للتسوية والحل النهائي!
السبب الثاني، إن هؤلاء القادة -المرتبطين بجهات مشبوهة بالخارج- أثبتوا أنهم تخلوا تماماً عن التقاليد السودانية التي تجنح للصلح والحل وداخل البيت ما قبل ركونهم لجهات خارجية وتسليم قرارهم لها. 
وعلى كل فإن هذا الذي يجري الآن من قبل هؤلاء الذين يحملون السلاح وتلاحقهم الهزائم العسكرية بإستمرار ثم يرفضون التفاوض ويعرقلونه ويضعون شتى العقبات في طريق الحل والتسوية النهائية إنما هم موضع إدانة من كافة النخب والموطنين السودانيين، وهذا وحده أمر كفيل بإلحاق هزيمة نهائية مدوية بهم وتلاشي حركاتهم إلى الأبد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة