محجوب حسين.. رمتني بدائها وإنسلّت!

في حوار أجرته معه "الجزيرة نت" منتصف نوفمبر 2015م بالعاصمة البريطانية لندن نجح محجوب حسين الذي يحمل صفة (مستشار) لحركة العدل والمساواة المتمردة في تشريح أزمة ما كان يعرف بالجبهة الثورية على وجه الخوص. 
ففيما يتعلق بحملة السلاح عموماًً لا سيما الحركات الدارفورية المسلحة أعلن حسين رفض الحركات المسلحة لما أسماه (الحل الجزئي للأزمة السودانية)! مشيراً إلى تمسكهم بمشاركة الجميع في الحل السياسي.
والمدهش في هذا القول إن الحركات المسلحة وحدها –دوناً عن بقية المكونات السياسية في السودان هي التي ترفض التفاوض والحوار الوطني! أي إن محجوب حسين عكس تماماً المنطق السياسي، فبدلاً من أن يبرر بطريقة -موضوعية- إن وجدت، أسباب تعنتهم كحركات مسلحة في قبول التفاوض والحوار، إدعى أنهم كحركات مسلحة يريدون حلاً كاملاً غير مجزأ للأزمة بمشاركة الجميع! بينما هم في الواقع الذين يرفضون الحل!
أما فيما يتعلق بالجبهة الثورية وحين سئل عن أزمتها الراهنة قال إن الثورية (تحالف سياسي/عسكري) للمقاومة والوطنية وهي جزء من مكونات الشعب السوداني الذي هو -على حد وصفه- مجتمع انقسامي! أنظر هنا كيف مهد الرجل -بإنتهازية واضحة- للتبرير لأزمة الثورية حين وصف المجتمع السوداني بأنه (مجتمع انقسامي)! كان واضحاً في هذا التوصيف الذي لم يقل به أحد من قبل إن محجوب حسين يسابق السؤال لكي يبرر للإنقسام التاريخي  الخطير الذي ضرب الثورية. 
ولن تنتهي الدهشة هنا فقط فقد مضى محجوب حسين -بحذر واضح- لتوصيف الأزمة داخل الثورية حين قال (أرادت الثورية -لأول مرة- أن ترسم في تجربتها التي لا تتعدى سنوات أن تحول بموجبها مفهوم التعاطي مع الديمقراطية والتداول والتجديد من كونه خطاباً سياسياً فجاً إلى واقع حقيقي معاش، ولكن بعض الشركاء في الحركة الشعبية قطاع الشمال أردوا الاستمرار في قيادة الجبهة بوضع اليد). 
يعترف محجوب حسين بأن الثورية بدأت بتجربة الديمقراطية (لأول مرة)! مع أن عمرها سنوات! وبالطبع لم يسأله الذي أجرى الحوار عن سبب (تأخر) الممارسة الديمقراطية كل هذه السنوات -ولو كانت سنتين- ولماذا لم تبدأ الثورية بالديمقراطية منذ تكوينها طالما أنها تحالف عسكري سياسي؟ كما أن محجوب حسين بهذه الإجابة المفجعة أكد أن استئثار قطاع شمال بالقيادة عن طريق وضع اليد فيه دلالة قاطعة على أن الديمقراطية عصية على التطبيق داخل الثورية. 
ثم يمضي حسين ليقرّ إن الحركة الشعبية حولت الأمر إلى خسارة مذهلة لسوء في التقدير! وهنا أيضاً لم يتسن لمجري الحوار أن يسأل حسين (المذهول بموقف قطاع الشمال) عما إذا كان جبريل إبراهيم نفسه المراد تنصيبه زعيماً للثورية، قد وصل إلى رئاسة حركة العدل بطريقة ديمقراطية وبعيداً عن كونه شقيق زعيمها السابق؟
ويمضي محجوب حسين لمزيد من (الإدهاش) حين يقرر أن نظام الحكم القائم في السودان حالياً (لا يملك أي أهلية سياسية أو أخلاقية) لقيادة الدولة وحل مشاكل السودان! فلو أن هذا الزعم صحيح، هل تمتلك الثورية الأهلية السياسية -دعك من الأخلاقية- لإدارة نفسها فقط وهي الآن تعيش واقعاً بالغ السوء. إن هذا الوجه القميء لطريقة ممارسة بعض قادة القوى المعارضة واستخدامهم لمنطق متداعي وواهن سرعان ما يرتد إلى صدورهم هي دون شك بمثابة تلخيص محكم لأزمة حملة السلاح الذين يسعون إلى السلطة وهم لا يملكون قيمة التذكرة السياسية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة