ﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ.. ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻐﺬﻳﻬﺎ؟

بﻘﻠﻢ : ﻣﺮﺗﻀﻲ ﺷﻄﺔ
ﻛﻠﻤﺎ ﺃﻃﻔﺄ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻭﺍﺭ ﺣﺮﺏ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻭﻳﺴﺮ ﻟﻬﺎ ﺳﺒﻞ ﺍﻟﺘﻬﺪﺋﺔ، ﺍﺷﺘﻌﻠﺖ ﺣﺮﺏ ﻗﺒﻠﻴﺔ ﺃﺧﺮﻱ، ﻓﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﻤﺘﺠﺎﻭﺭﺓ ﻭﺍﻟﻤﺘﻌﺎﻳﺸﺔ ﻋﻠﻲ ﻣﺪﻱ ﻋﻘﻮﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺰﻣﻦ، ﻭﺗﻜﺎﺩ ﻻ ﺗﺠﺪ ﻗﺒﻴﻠﺘﻴﻦ ﻟﻢ ﺗﻨﺪﻟﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﺮﺏ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺣﻴﺚ ﻳﻜﺜﺮ ﻋﺪﺩ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺗﺘﻘﺎﺭﺏ ﺳﺒﻞ ﻛﺴﺒﻬﺎ ﻟﻠﻌﻴﺶ، ﻓﺨﻼﻝ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺍﻟﺨﻤﺴﺔ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ﺷﻬﺪﺕ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺣﺮﻭﺑﺎﺕ أﻫﻠﻴﺔ ﻣﺘﻜﺮﺭﺓ ﺷﻤﻠﺖ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻬﺒﺎﻧﻴﺔ ﻭﺍﻟﻔﻼﺗﻪ ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺎﺕ ﻭﺍﻟﺮﺯﻳﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻴﺔ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻨﻔﺼﻞ ﻋﻨﻬﺎ ﻭﻻﻳﺔ ﺷﺮﻕ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻟﺘﺸﻬﺪ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻮﻟﻴﺪﺓ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺃﻋﻨﻒ ﺍﻟﺤﺮﻭﺑﺎﺕ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﻗﻌﺖ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺮﺯﻳﻘﺎﺕ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﻟﻴﺎ ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﺗﺘﺠﺪﺩ ﻣﻦ ﺣﻴﻦ ﻵﺧﺮ . ﻭﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻳﺐ ﺃﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺮﻭﺑﺎﺕ ﻻ ﺗﻌﺮﻑ ﺣﺪﻭﺩﺍً ﻭﻻ ﺃﺛﻨﻴﺔ، ﻓﻘﺪ ﻭﻗﻌﺖ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻗﺒﻴﻠﺘﻲ ﺍﻟﻤﺴﻴﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﺮﺯﻳﻘﺎﺕ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺃﺣﺪﻱ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺘﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﻜﻦ ﻓﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺟﻨﻮﺏ ﻛﺮﺩﻓﺎﻥ ﻭﻗﺘﻬﺎ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺏ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ، ﻭﺍﻷﻛﺜﺮ ﻏﺮﺍﺑﺔ ﺃﻥ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺘﻴﻦ ﺗﻨﺤﺪﺭﺍﻥ ﻣﻦ ﺻﻠﺐ ﺭﺟﻞ ﻭﺍﺣﺪ، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻥ ﻣﺒﻌﺚ ﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻟﻴﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮﻭﺭﺓ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﺮﺗﺒﻄﺎً ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺮﻗﻲ، ﻓﺄﻭﺟﻪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻠﻴﺌﺔ ﺑﻤﻜﺎﻣﻦ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻭﺍﻟﻨﺰﺍﻉ ﻣﻦ ﻟﺪﻥ ﺍﺑﻨﻲ ﺁﺩﻡ ﻗﺎﺑﻴﻞ ﻭﻫﺎﺑﻴﻞ ﺣﻴﺚ ﺃﻭﻝ ﻧﺰﺍﻉ ﺩﻣﻮﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺒﺸﺮ ﻭﺩﺍﺧﻞ ﺍﻷﺳﺮﺓ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪﺓ، ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺨﻠﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﻇﻴﻒ ﺣﺪﺙ ﺻﻐﻴﺮ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻧﺰﺍﻉ ﻃﺒﻴﻌﻲ ﺑﻴﻦ ﺷﺨﺼﻴﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺇﻟﻲ ﻗﺒﻴﻠﺔ ﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻪ ﺇﻟﻲ ﺣﺮﺏ
ﺃﻫﻠﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺘﻴﻦ . ﻭﺫﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﻣﺘﻜﻠﻒ ﻭﻣﺼﻨﻮﻉ ﺑﺤﺬﺍﻗﺔ ﻭﺑﻌﻤﻞ ﺍﺳﺘﺨﺒﺎﺭﻱﻭﺣﺎﺿﻨﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺧﺼﺒﺔ ﺿﻤﻦ ﺃﺳﻠﻮﺏ ﻭﻧﻈﺮﻳﺔ ﻫﺪﻡ
ﺍﻟﺠﺪﺭﺍﻥ ﻣﻦ ﺃﺳﻔﻞ، ﻭﻫﻲ ﻧﻈﺮﻳﺔ ﺗﻘﻮﻥ ﻋﻠﻲ ﺗﻔﻜﻴﻚ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺇﻟﻲ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﻪ ﺍﻷﻭﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﻋﺼﺒﻴﺔ ﻋﺮﻗﻴﺔ ﺃﻭ ﺃﺛﻨﻴﺔ ﺃﻭ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﻭﻣﺬﻫﺒﻴﺔ ﻛﺨﻄﻮﺓ ﺃﻭﻟﻲ ﻟﺘﻔﻜﻴﻚ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺇﻟﻲﺩﻭﻳﻼﺕ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻤﺪﻯ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻭﺍﺣﺘﻮﺍﺋﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺒﻌﺪﻫﺎ ﻋﻦ ﻣﺴﺎﺭﻫﺎ ﺍﻻﺳﺘﺮﺍﺗﻴﺠﻲ ﻓﻲ ﺇﻗﺮﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻤﻮﺍﺭﺩ ﺍﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ ﻭﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺍﻻﻗﺘﺼﺎﺩﻳﺔ ﻭﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻭﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺍﻣﺘﻼﻙ ﺃﻫﻢ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻗﻮﺓ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ ﺍﻹﺳﺘﺮﺍﺗﺠﻴﺔ . ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﺿﻤﻦ ﺇﺧﻮﺓ ﺯﻣﻼﺀ ﻓﻲ ﻣﻬﻨﺔ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﻓﻲ ﺟﻮﻟﺔ ﺗﺪﺭﻳﺒﻴﺔ ﻣﻄﻠﻊ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻓﻲ ﻭﻻﻳﺔ ﺷﺮﻕ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ، ﻭﺃﺗﻴﺤﺖ ﻟﻨﺎ ﻓﺮﺻﺔ ﺍﻟﺘﺠﻮﺍﻝ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﻘﺒﻠﺘﻴﻦ ﻭﺗﺪﺭﻳﺐ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺭﻣﻮﺯ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻭﺇﺩﺍﺭﺓ ﺣﻮﺍﺭ ﺷﻔﺎﻑ ﺣﻮﻝ ﻭﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮ ﻗﻴﺎﺩﺍﺕ ﻛﻞ ﻃﺮﻑ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻗﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﺪﺭﻳﺐ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻴﺢ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻤﺎ ﻻ ﻳﺘﺎﺡ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻈﺎﻥ ﻭﺍﻟﻤﻠﺘﻘﻴﺎﺕ ﺍﻷﺧﺮﻯ . ﻭﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﻘﻮﻝ ﺇﻧﻨﺎ ﻟﻢ ﻧﻠﻤﺲ ﻋﺎﻣﻼً ﺟﺪﻳﺪﺍً ﻓﻲ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﻳﺒﺮﺭ ﺍﻟﻌﺪﺩ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺘﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺳﻘﻄﻮﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ، ﻓﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﺤﻮﺍﻛﻴﺮ ﻗﺪﻳﻤﺔ ﻣﺘﺠﺪﺩﺓ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﻭﻟﻴس ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ ﻳﺪﻓﻊ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﺼﻌﻴﺪ ﺃﻭ ﺗﺠﺪﺩ ﺍﻻﻗﺘﺘﺎﻝ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﻔﻪ . ﻭﻟﻚ ﺃﻥ ﺗﺘﺼﻮﺭ ﺣﺠﻢ ﺍﻟﺘﻌﺎﻳﺶ ﻭﺍﻟﺘﺪﺍﺧﻞ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺘﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺼﺎﻫﺮ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﺣﺮﺟﺖ ﺑﻌﺾ ﺍﻷﺳﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻷﺻﻠﻴﻦ، ﺑﻞ ﺃﻥ ﻓﺮﻋﺎً ﻛﺎﻣﻼً ﻣﺘﻨﺎﺯﻋﺎً ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺘﻴﻦ ﺗﺪﻋﻲ ﻛﻞ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﺃﻫﻠﻴﺔ ﺃﻧﺟﺰﺀ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﺗﺘﺒﻨﻲ ﻗﺘﻼﻩ ﻭﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻓﻜﻴﻒ ﻟﻤﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻠﻘﺎﺋﻴﺎً؟ !!
ﺣﺎﺷﻴﺔ :
ﻋﻠﻲ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃﺕ ﺁﻟﻴﺎﺗﻪ ﺗﻌﻤﻞ ﺃﻥ ﻳﻔﺮﺩ
ﻟﻠﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﻜﻮﻥ ﺭﺋﻴﺲ ﻓﻲ
ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ ﻭﺗﻤﺲ ﻛﻞ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﺍﻟﻬﻮﻳﺔ 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة