جبريل إبراهيم يعيش هذه الأيام معاناته الخاصة. فالرجل الذي وضعته أقداره السياسية البائسة على مقعد القيادة الأول لحركة تعج بالحانقين والغاضبين الذين تطاولت بهم السنوات دون أن ينجزوا شيئاً، صار محتماً عليه -كقائد مهزوم- أن يدفع الآن ومن جيبه السياسي الخاص -دفعاً فورياً- فاتورة فشله كقائد!
الأسبوع الماضي الممتد من 17 إلى 23 مايو الجاري كان الأسوأ في تاريخ الرجل على الإطلاق. ففي مطلع الأسبوع فقد الرجل 4 من أبرز قادته الميدانيين حين سافر هؤلاء في وضح النهار إلى العاصمة الكينية نيروبي وأبرقوه من هناك -عبر الهاتف- أنهم لن يعودوا إلى الحركة ما دام هو قائدها!
ومع أن الأمر بدا في سياق بالغ السرية إلا انه سرعان ما تسرب إلى الجند وما تبقى من قوات. وبالطبع لم تكن مشكلة جبريل انه فقد هؤلاء القادة الذين لطالما وقفوا معه مواقفاً قوية وساندوه في أحلك الظروف؛ المشكلة أن الجنود الذين أفزعتهم هذه الخطوة وصلت إلى مسامعهم القصة وفهموا مغزى وفحوى الرسالة!
وما من شك أن مغزى وفحوى هذه الرسالة في مثل هذه الحالات -وفقاً للأعراف والتقاليد المرعية داخل الحركات المسلحة- هو أن يتولى الجنود مهمة (تسوية الأمر)!
القلق الذي بات يعصف بجبريل وهو يتحرك من جوبا إلى كمبالا أنه بات مستهدف بصفة خاصة من أخلص جنوده، لفتح الطريق أمام قيادة جديدة بديلة. وصل الأمر بجبريل يوم الثلاثاء الفائت 18 مايو إلى إجراء تبديل لحرسه ثلاثة مرات في غضون يوم واحد! وهو إجراء قياسي بدون شك. ورغماً عن ذلك ما يزال القلق يعصف بالرجل.
في ذات الأسبوع الماضي أيضاً وفي ذات سياق أسبوع الأزمات الذي يعانيه جبريل، علم الرجل من مسئول استخباراته الخاص أن بعض قادة الحركة المنشقين العام2013 والذين قامت الحركة بتصفية بعضهم في كمين شهير محكم، اقتربوا كثيراً جداً من الدائرة القريبة الضيقة من جبريل! المعلومات التي تلقاها جبريل أكدت وعلى نحو قاطع أن الرجل بات هدفاً لمجموعة تسعى للـثأر منه شخصياً وأن صعوبة الأمر تكمن في صعوبة توفير حماية قوية في ظل حوامة الشكوك حول الجميع!
وليت فواجع الرجل في أسبوعه المريع هذا وقفت عند هذه الحدود فقط، ففي كمبالا –الأربعاء 19 مايو– انعقد اجتماع بدا وكأنه جرى بالمصادفة بين بعض قادة الجبهة الثورية في فندق شهير شرقيّ كمبالا. الاجتماع تداول في الظروف والملابسات التي وقعت فيها معركة (قوز دنقو) وخلص إلى تقصير جبريل، بل وإهماله الشنيع في إدارة المعركة مما قاد لهزيمته الماحقة.
الاجتماع أرسل إلى جبريل رسالة غير مباشرة يفيده فيها بضرورة تحضير دفوعاته ودحض إفادات بعض قادته الذين أكدوا أن الرجل لم يتحلَّ بالقدر الكافي من الحنكة لإدارة المعركة! وتعاسة جبريل بالطبع لم تقف عند حد (التشكيك) في قدراته القيادية من قبل زملائه في قيادة الثورية؛ تعاسة جبريل تمثلت في أنه شعر وربما لأول مرة منذ تسلمه زعامة الحركة أن قادته لا يعترفون بقدراته وأن من بينهم من ينتقد قدراته مع آخرين!
ومن المؤكد أن الرجل تراجعت خياراته على نحو كبير للغاية، فهو من الناحية العملية لا يستطيع فك ارتباطه بالجبهة الثورية على الأقل في الوقت الراهن، وفي ذات الوقت تقاصرت قامته وسط زملائه في الثورية بدليل عملي ساطع يتمثل في هزيمته الشنيعة، وفي الوقت نفسه عليه أن يتحسّب من قادته الـ4 الذين ذهبوا إلى نيروبي بنوايا لا تخطئها الأذهان ويدركها جيدا، كما أن عليه أن يحافظ على تماسك حركته ويمنع عمليات اختراقها من قبل قادة سابقين انشقوا عنه وعادوا مؤخراً إلى عمق الحركة خفية للنيل منه!
تعليقات
إرسال تعليق