الرزيقات والمعاليا بقي (مشروع التمدين).

إذن.. بقي أمامنا الآن لوقف نزيف دم أبناء الوطن من المعاليا والرزيقات مستقبلاً وفي المستقبل القريب ـ إذا تعذر الآن ـ بقي أن نتناول القضية من الجذور لإنتاج الحل الناجع إذا استمعنا إلى خبراء فض النزاعات القبلية المزمنة في بعض المناطق الريفية.. وناقشنا معهم ضرورة (التمدين) بأي مستوى يمكن أن يغير طريقة التفكير المعيشي والثقافة المعيشية التي يمكن أن تكون هي عنصر الاستدامة لوقوع المجازر بسبب الحواكير والمراعي.
وخبراء فض النزاعات إذا عرضنا عليهم فكرة تشييد المدن الصغيرة مثل (الهلالية) و(رفاعة) في غرب البطانة و(الحصاحيصا) شمال مدني.. من أجل امتصاص الكثير من أبناء المعاليا والرزيقات من الريف إليها وبالتالي تغيير التفكير الاقتصادي التقليدي يمكن أن يعينوا على رسم خطط تنقل النشاط الرعوي من التقليد إلى المستحدث، وفي هذا طبعاً إذا تحقق تضييق لفرص النزاعات القبلية بسبب الأرض ومواردها وبالتالي حقن الكثير من الدماء.
هناك أقاليم الحياة الريفية فيها مستقرة تماماً مثل الإقليم الشمالي بولايتيه وسهول البطانة التي تدخل في أكثر من إقليم (الشرقي والأوسط والخرطوم). وإذا كان إقليم دارفور وكذلك إقليم كردفان تشتعل فيهما من حين إلى آخر النزاعات القبلية التي يسقط فيها القتلى بأعداد أكبر من التي تحصي قتلى حروب التمرد فهما إذن أولى بتشييد المدن الصغيرة لترقية نشاط الرعي والزراعة وتقليل الحاجة التي تفجر الصراعات القبلية.
وهنا نجد ملاحظة مهمة هي أن تقسيم إقليم دارفور إلى خمس ولايات من إيجابياته إنه يطور المدن التي أصبحت عواصم للولايات المضافة هناك.. وكذلك تتسهل عملية تطوير مدن أخرى تقام فيها الأسواق ومشاريع التنمية والمطارات والقطارات مستقبلاً. وإذا اجتهدت الدولة في مشروع (التمدين) .. فإن كل أبناء الشعب في دارفور وكردفان يستحقونه.. وأجدر به إذا كان هو الحل لإيقاف النزاعات القبلية وهم مجتمعات مسلمة يحرِّم عليهم دينهم القتل.
الآن أمام الحكومة حلاّن لمشكلة المعاليا والرزيقات الأول فوري وقد نفذته وهو الحماية العسكرية لأرواح ودماء أبناء القبيلتين حينما نشرت قوات من قوات الشعب المسلحة ـ وأبناء القبيلتين جزء من هذا الشعب ـ بين مناطقهما. لكن نعرف إن استخدام السلاح الناري الثقيل والخفيف يتعذر معه الحماية العسكرية بشكل كامل.
والحل الآخر مستقبلي، وهو مشروع (التمدين). فلابد أن تتحرك الحكومة بالأموال لتشييد المدن الصغيرة التي يمكن أن تحتضن المراعي الحديثة.. وتغيير التفكير الاقتصادي التقليدي وتجعل المواطن فيها يتمتع بكل حقوقه الخدمية وهو مستقر لا يخرج من المدينة إلى المرعى أكثر من مسافة ثلاثة كيلومتر حتى لا يظل مثل نموذج أختنا «فاطمة حمّاد» في بحر العرب التي في قصتها أسال الكاتب يوسف عبد المنان حبر قلمه ويخبرنا فيها بحرمانها من كثير مما تستحقه كمواطنة سودانية. وكان قد قارنها بنموذج للمواطنة في ولاية الخرطوم أو قل في مركز الولاية لأن بعض أطرافها مثل منطقة بحر العرب حيث تسكن أختنا العزيزة (فاطمة حمّاد).
يقال إن إقليم دارفور مساحته قدر مساحة فرنسا. فرنسا فيها خمسة مليون مسلم يناصرون بعضهم، فلماذا يتناحر بعض المسلمين في إقليم دارفور؟!
لماذا تحشر (اليوناميد) أنفها بعد أن ارتكبت أفظع الجرائم ضد إنسان دارفور في كاس وغيرها؟. فهل حشر أنفها بترحيبها بجهود الحكومة لمعالجة الصراع القبلي يقودنا للتساؤل عن مصدر سلاح المتحاربين؟
غداً نلتقي بإذن الله

خالد حسن كسلا 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة