لا تبدو ترقبات المراقبين وعامة المواطنين للتشكيل الوزاري الجديد
(الجهاز التنفيذي) قضية موضوعية من الوجهة السياسية المحضة، فالعبرة كما
يقولون ليست بأشخاص الوزراء بقدر ما هي بالبرامج المعلنة والقضايا الملحة
التى تحتاج الى أن يتم تحويلها الى واقع ملموس.
ومن الغريب أن ينتظر
البعض وجوها بعينها ويتمنى ذهاب وجوه أخرى، فقط بدافع التغيير بينما الواضح
على الأرض أن الحكومة السودانية دخلت منذ وقت ليس بالقصير فى أطر برامجية
مختلفة سواء في الشأن السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو أي مضمار آخر.
ولعل
المجال الأكثر إلحاحاً فى هذا المنحي هو المجال الاقتصادي، وهو التحدي
الذى ظلت الحكومة السودانية تضع له التدابير تلو التدابير منذ ما قبل العام
الفائت، منذ إطلاق البرنامج الثلاثي ودخول الحكومة فى اقتصاد لا يسنده
مورد النفط.
هذا البرنامج لا يرتبط بشخص وزير معين فى مجلس الوزراء، إذ
انه ليس سياسة خاصة بوزير المالية أو من بنات أفكاره وإنما سياسة دولة،
والحكومة حين انتهجت هذه السياسة كانت ولا تزال مجبرة بفعل حقائق الواقع إذ
ينسى الكثيرون الكلفة الباهظة التى تسدد يومياً بسبب الهجمات المسلحة
للمتمردين والتي باتت تتجاوز المليوني دولار يومياً.
ولئن قال قائل إن
بالإمكان التفاوض مع حملة السلاح ووضع حد لهذه الكلفة، فإن التفاوض بطبيعة
الحال ليس كله بيد الحكومة، فهي ظلت تعرض هذا التفاوض وتطلبه ولكن ظل الطرف
الآخر ممتنعاً ورافضاً وينسى البعض هنا أن الحكومة مهما قدمت من حوافز
سياسية وعروض مجزية فإن الطرف الآخر -الهادف لإسقاطها وإزالتها- سوف يطالب
بالمزيد.
من جهة أخرى فإن الحكومة ايضاً طالبت ونادت القوى السياسية
للمساهمة فى دستور دائم، ولكن لا مجيب، ثم طالبت ونادت كافة القوى السياسية
للمساهمة فى مؤتمر اقتصادي بالغ الأهمية ولصالح الدولة السودانية باعتباره
عملاً وطنياً محضاً، ولكن قوى الأحزاب المعارضة وفى إطار كيدها السياسي
للوطني أحجمت عن المشاركة.
وقبل تشكيل الحكومة أيضاً نادت الحكومة كل
القوى السياسية للمشاركة والإسهام إستناداً الى برنامج معلن واضح، ولكن لم
يستجب أحد، إذ تم فهم الدعوة باعتبارها ضعفاً وشعوراً بالفشل!
لقد كانت
الفرصة سانحة لكي تتنادى كافة القوى السلمية والمسلحة لكي تشارك فى إدارة
الدولة وتؤسس لعملية انتخابية لا يفصلنا عنها سوى عام هو العام 2014 فقط
ولكن الكل ينتظر (سقوط التفاحة) فى عبّه وبين يديه سهلة ناضجة ومثمرة.
وهكذا
فإن الحكومة السودانية فى خاتمة المطاف لا مناص أمامها من أن تمضي قدماً
فى إنفاذ برنامجها المعلن والذي قامت بعرضه علناً وناقشت بعضه فى ملتقيات
ومؤتمرات مفتوحة ومن ثم فإن الطاقم الوزاري الجديد من دون شك سيكون تعبيراً
عن هذه البرنامج بغض النظر عن الشخوص والأفراد ويترتب على ذلك أن التوقعات
المرجوة لن تتجاوز ما هو مطروح ومعلن أللهم إلا من بعض المهارات هنا وهناك
والتي من المؤكد أن القيادة السودانية حرصت كل الحر ص على مراعاتها وهي
تضع لمساتها على هذه التشكيلة!
تعليقات
إرسال تعليق