الجدوى السياسية الإقليمية والدولية لمشروع جمع السلاح في السودان!

الجدوى السياسية الإقليمية والدولية لمشروع جمع السلاح في السودان!

 من المؤكد ان مشروع جمع السلاح الذي تقوم به الحكومة السودانية هذه الأيام في ظل تجاوب شعبي ملحوظ مع العملية، لقد لفتت أنظار الولايات المتحدة و الدول الكبرى التى و إلى عهد قريب كانت تدمغ هذا البلد بالكثير من الصفات غير اللائقة ظنا

منها انه بؤرة حرب وصراعات لا تنتهي!
وحين نقول ان مشروع جمع السلاح لفت أنظار العالم و في مقدمته واشنطن فذلك لعدة  اعتبارات و مؤشرات قد تبدو للبعض عابرة وسطحية ولكنها في الحقيقة شديدة الأثر والأهمية.
أولاً، من خلال الحملة التى دخلت أسبوعها الرابع بدا واضحاً ان للحكومة السودانية إرادة سياسية قوية و مؤثرة في تنظيم حركة السلاح وحيازته و هذا الضبط الحكومي  القوى أعطى واشنطن انطباعاً ايجابياً باستحالة سماح السودان لأي منظمة إرهابية في المنطقة.
بمعنى أكثر وضوحاً، فان الحكومة التى تتصدى بثقة لانتشار السلاح و تعمل على تقنينه و ضبطه و نزعه من الجميع بلا أدنى استثناء هي بالتأكيد حكومة جادة  و قادرة على منع الاستخدام الغير المشروع للسلاح. هذه النقطة تعزز من دور السودان في مكافحة الارهاب.
ثانياً، تصفية وجود السلاح في الأيدي بلا ضابط ولا رقيب مشروع صعب و شاق لو لم تكن الحكومة السودانية مدركة لأبعاده وقدرتها على تنفيذه لما بادرت به قط. واشنطن تدرك ألان أنها على أية حال تتعامل مع حكومة قادرة على تطوير نفسها و معالجة السلبيات بأي ثمن.
ثالثاً، خطوة جمع السلاح في حد ذاتها أعطت بوضوح صورة واضحة عن السيطرة الحكومية للأوضاع في السودان ، إذ أن ضبط السلاح وحركته لا يتم في ميادين القتال المفتوحة المتأججة بالنيران من الواضح ان الميدان خالي من الخصوم الذين بإمكانهم قلب المعادلة فإذا أضفنا إلى ذلك ان الحكومة نفسها حكومة وفاق وطني تضم عدداً من المكونات السياسية المختلفة، فان الصورة تبدو مدهشة ، لقد اوجد السودان متغيرات و تطورات ايجابية من العسير تجاهلها.
رابعاً، مشروع جمع السلاح ايضاً يثير قلق إسرائيل باعتبار أن الأخيرة مورِّد هام من موردي السلاح في عمق القارة الإفريقية، اذ إن دولة الكيان الصهيوني عليها إعادة الحسابات ألف مرة قبل ان تدفع بأسلحتها إلى المنطقة لأنها في خاتمة المطاف واصلة إلى أيدي القوات الحكومية السودانية، كما أن هذه التجارة لم تعد ذات جدوى، ففي السابق كانت تجد رواجاً وسوقاً كبيرة لكي تمارس تجارتها ولكن الآن ضاق السوق، وسوف تأتي مرحلة يتم فيها نزع السلاح نزعاً باستخدام قوة القانون، إذن لا فائدة من السياسة الإسرائيلية الهادفة لإغراق المنطقة بالأسلحة.
وهكذا اجمالاً يمكننا  القول وان مشروع جمع السلاح الجاري لان في السودان يشكل مضماراً سياسياً على النطاق الإقليمي و الدولي بعود نفعه إلى السودان فالولايات المتحدة استشفت منه معطيات تخصها! بعض دول الإقليم هي الأخرى تنظر اليه باعتباره يحقق أمناً في المنطقة كلها التى عانت من ويلات و حروب أهلية مؤسفة. بعض القوى الدولية تنظر اليه باعتباره يعطي السودان مؤشراً لاستقرار مطلوب لاستعادة التعاون مع هذا البلد.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة