قراءة عامة في تقرير الخبير المستقل لحقوق الانسان فى السودان!

أعد الخبير المستقل المسئول عن ملف حقوق الانسان فى السودان (إريستيد نونوسي) مسودة تقريره الذي من المنتظر ان يقدمه للدورة الجديدة لمجلس الامن الدولي المنعقد فى جنيف في الفترة من 11 ابريل 29 سبتمبر الجاري.

التقرير الذي يغطي الفترة من اكتوبر 2016 و حتى يونيو 2017 يشير إجمالاً الى ان الحكومة السودانية قد اتخذت خطوات ايجابية فى الارتقاء بحالة حقوق الانسان فى السودان فى الفترة المشار اليها . كما يشير الى ضرورة (اتخاذ تدابير ملموسة للإصلاح القانوني الذي تتأثر به الحقوق السياسية والمدنية).
الواقع ان من يقرأ مسودة التقرير بصفة موضوعية عامة يلمس فيه قدراً معقولا من التوازن المطلوب، باعتبار ان الواقع السياسي والحقوقي الحالي فى السودان حدثت فيه متغيرات ايجابية لا يمكن ابداً التقليل منها.
أولاً، الفترة التى تضمنها التقرير هي الفترة التى اعقبت مشروع الحوار الوطني ومخرجاته وتشكيل حكومة الوفاق الوطني التى تدير الامور الان في السودان. ولن يختلف إثنان ان الحكومة السودانية من أطلق مشروع الحوار الوطني فى يناير 2014 وأنه منذ ذلك التاريخ تفتحت على نحو ملحوظ مسام العمل السياسي والتعددي بصورة جلية وواضحة وان العشرات من قادة الرأي العام والعمل السياسي داخلياً و خارجياً شاركوا طوال اكثر من عامين فى مشروع الحوار الوطني. من الطبيعي اذن ان تكون السمة الاساسية لهذه الحقبة سمة متقدمة ومتطورة للممارسة السياسية و الحقوقية الراشدة.
ثانياً، مخرجات مشروع الحوار الوطني نفسها ما تزال قيد التنفيذ والترجمة الى ارض الواقع، وعلى سبيل المثال فان وزارة العدل فى هذه الايام فى السودان تعد العدة للدفع بما يجاوز الـ80 قانوناً لتعديلها ومواءمتها مع وثيقة الحوار الوطني ولهذا فحين يقول الخبير المستقل ان هناك (ضرورة لاتخاذ تدابير ملموسة للإصلاح القانوني) فهو إنما يشير الى ما تقوم به الحكومة السودانية بتنفيذه فعلياً على ارض الواقع وهو امر لم يكن اكتمل وسوف يكتمل لا محالة حين يأتي أوان الدورة المقبلة فى العام المقبل.
ثالثاً، البرنامج الاستراتيجي الشهير الذي بادرت به الحكومة من تلقاء نفسها و المتمثل في برنامج اصلاح الدولة يمكن اعتباره هو الآخر حاز قسطاً من تحسُّن حال حقوق الانسان فى السودان، فهو برنامج تجاوز عمره العامين حتى الآن وأثمر امور عدة فى مجال اصلاح الدولة المقترن بإصلاح القوانين مثل الفصل بين السلطات (وزارة العدل، النيابة العامة) ومثل تعديل القوانين لمواكبة التطورات السياسية. وأمور اخرى عديدة من اليسير ان يلاحظ أي مراقب التحولات التى طالتها.
مجمل القول اذن ان حالة حقوق الانسان -وهذا هو الأهم- تأخذ منحى ايجابياً واضطراداً ملحوظاً فى التقدم والتحسن وبالطبع لا يتوقع احدن يأتي تقرير الخبير المستقل كاملاً وبنسبة مائة بالمائة. يكفي ان ترد اشارات واقعية ايجابية مع محفزات للمزيد منا التطوير والتقدم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة