أهم وأكبر مشروع استراتيجي في السودان.. إخراج السلاح من دارفور!

أهم وأكبر مشروع استراتيجي في السودان.. إخراج السلاح من دارفور!من السهل جداً إدراك الأهمية الاستراتيجية الكبرى التى توليها الحكومة السودانية حيال عملية إعادة الأمن والاستقرار لإقليم دارفور غربيّ السودان من خلال الخطوات التنفيذية العملية التى تقوم بها الآن لجمع السلاح ونزعه من أيدي المواطنين.

الحكومة السودانية وبعد ان حققت نجاحاً جديراً بالاحترام في إحكام سيطرتها على الأوضاع فلا الإقليم وبلغ النجاح ذروته باقتناع مجلس الأمن الدولي بإنفاذ إستراتيجية خروج قوات حفظ السلام (يوناميد) مرحلياً وبدأت بالفعل عملية الخروج و التخفيض المتدرج، انتقلت على الفور إلى مرحلة الاستراتيجية الأكثر ضرورة وأهمية وهي إخلاء الإقليم تماماً من آفة السلاح، تلك الآفة التى قضت على استقرار الإقليم منذ سنوات وجعلت السلاح سلعة عادية سهلة التداول بين موطني الإقليم.
صحيح لا احد يمتلك الآن إحصائية قاطعة لقطع السلاح المنتشرة في الإقليم، ولكن بالمقابل فإن الانتشار الواسع للسلاح كان من الوضوح بحيث اضطر الحكومة السودانية لوضع إستراتيجية صارمة لجمعه و نزعه. ويمكن ملاحظة الأهمية التى أولتها الحكومة لهذا الهاجس المقلق حقاُ من خلال عدة أمور:
أولاً، كونت الحكومة السودانية لجنة قومية رفيعة المستوى وتضم جهات سيادية عديدة للقيام لهذه العملية الاستراتيجية الكبرى، وأوكلت رئاسة اللجنة لنائب الرئيس السوداني (حسبو محمد عبد الرحمن) والرجل وفضلاً عن موقعه السيادي باعتباره نائب للرئيس عرف بإمساكه الفاعل بملفات هامة أنجز فيها الكثير بتحركاته الحادة ونشاطه الجم -كما أن نائب الرئيس- رئيس اللجنة ينحدر من إقليم دارفور ولديه إلمام كبير بتفاصيل وحقائق واقع الإقليم .
ثانياً، سارع نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن فوراً بزيارة إقليم دارفور مدشناً الحملة الواسعة النطاق بنفسه، وقد أكد للجميع -بصراحة ومباشرة- ان الحملة بدأت ولن تستثني منها أحد حيث سيتم جمع السلاح ومن الكل ولن يترك اي سلاح إلا في ايدي القوات النظامية وان على السلطات الملحية التشديد على نزع الصلاح ومصادرة العربات غير المقننة فوراً دون أدنى تهاون.
هذا الأمر يمكن ان نلاحظ من خلاله ان قضية جمع السلاح و إزالة كافة مظاهر مخالفة القانون و التفلتات الأمنية تأتي ضمن إطار إخراج السلاح تماماً من المعادلة السياسية وهو خيار سياسي يجد دعماً و تشجيعاً واسع النطاق من محلياً و إقليمياً لان الحرب ألحقت أضراراً كبيرة بالإقليم وعطلت مسيرته التنموية.
ثالثاً، الإجراءات التى اتخذتها السلطات الحكومية حيال بعض القادة الأهليين المحليين الذين يغذون الصراع القبلي، صحيح ان التنوع القبلي في دارفور شديد التعقيد وصحيح ايضاً ان قضايا المنازعات القبلية من الصعب ان تنتهي بين عشية وضحاها، ولكن بالمقابل فإن من المهم أن يتحلى القادة الأهليين المحليين بقدر من الوعي الأمني العالي، بحيث يفوتوا الفرص على مرتكبي الجرائم والباحثين عن سبل زعزعة امن واستقرار الإقليم.
ومهما كانت انتقادات البعض لهذا الإجراء فإن الأمر ينبغي النظر اليه من زاوية المصلحة العامة للإقليم وللسودان إذ ان الجميع يدرك مدى المعاناة التى عانها السودان بكامله جراء الأزمة في دارفور التى جرجرت أقدام السودان بأسره إلى المناضد المنابر الدولية وصدرت بسببها عشرات القرارات الدولية.
رابعاً، حصرت الحكومة السودانية على ترسيخ الأمن و تثبيته في الإقليم في هذه الظروف بالذات مستصحبة معطيات الخروج التدريجي للبعثة المشتركة المكلفة بمهمة حفظ السلام، ومستصحبة أيضاً افتقار الحركات الدارفورية المسلحة لأي قدرات لإعادة إثارة الأوضاع من جديد في الإقليم في ظل إحكام الحكومة سيطرتها على الإقليم، فمثل هذه المعطيات تستلزم نزع بؤر المخالفات الأمنية للحيلولة دون إمكانية عودة العنف إلى الإقليم .
مجمل القول إن الحكومة السودانية تنفذ إستراتيجية شديدة الأهمية بإخراج السلاح من الإقليم تمهيداً للمرحلة الأخيرة التى تؤسس لاستقرار وتنمية وخدمات وتوديعاً أبدياً للسلاح.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة