الشائعات وأثرها على المجتمع أو الرأي العام

المكافحة
نشطت خلال الأيام الفائتة عدة جهات، واجتهدت في تنظيم ندوات وسمنارات ورش عمل حول ظاهرة الشائعات وأثرها على المجتمع أو الرأي العام، 
والحقيقة أن الأخبار الكاذبة (fake news) باتت تؤرق العالم
كله وتشغل بال المجتمعات في كل أصقاع الدنيا وأركانها، فمنذ الانفجار الهائل في ثورة الاتصالات والتطور التكنولوجي
المثير في وسائله ووسائطه، سقطت مسلمات وانهارت أركان ونظريات في مجال الإعلام وعمت الفوضى وانفتح الباب على مصراعيه لتبادل المعلومات ونشرها وتوسع استخدامها بشكل مخفيف، نظراً لسهولة الحصول عليها وإرسالها والتعاطي معها وقولبتها وفبركتها، ونسبة لضعف القوانين أو قصورها وعدم وجود روادع
كافية تواجه المجتمعات جائحة معلوماتية وسرطان إلكتروني يتمدد كل ساعة دون هوادة.
نحن على مدى يومين في العاصمة الرواندية الجميلة (كيغالي) نناقش في سمنار ينظمه اتحاد صحافيي شرق إفريقيا الذي نتشرف في السودان برئاسته، ويتعاون معنا الاتحاد الدولي للصحافيين الذي جاء امينه العام جيمي ديير لحضور هذا السمنار وهو قادم عبر بروكسل من حولو في أمريكا الجنوبية حيث تم تنظيم
سمنارات مماثلة لذات الغرض وفي نفس الموضوع المقلق.
نناقش هنا قضايا متعددة لكن اهمها كيفية تفعيل الاتحادات والنقابات الصحافية والعمل بقوة مع المنظمات والمؤسسات الصحافية وكافة الجهات لمواجهة ظاهرة الأخبار الكاذبة والشائعات واحتواء الأثار الجانبية السالبة لشبكات التواصل الاجتماعي.
ومن الواضح والذي يجب أن نعمل من أجله هو أن عامل الزمن في صناعة الأخبار الحقيقية ونشرها على خلفية ما يحدث من أحداث في مختلف المجالات، هو الترياق الأول في التقليل من الشائعات والأخبار الكاذبة، فالروايات الرسمية التي تصدر من السلطات او الحكومات وما يصدر من مظان الأخبار ومصادرها، حول أي
حدث أو قضية أو تعليق على التطور ما، أو تصريح لابد له أن يسابق الزمن ليصل إلى المتلقي. فالسلطات الرسمية على أي مستوى من مستوياتها، عليها المباراة فوراً وقبل أن تدور طاحونة الأخبار الكاذبة وتنطلق الألسن وتمتلئ شاشات الهواتف الذكية بالمعلومات والأخبار وتنهمر الصور والتسجيلات الصوتية والصور
المتحركة، عليها أن تبادر لتقدم روايتها الرسمية وقصتها الخبرية التي تعكس الحقيقة المجردة قبل الجميع.
إذن.. الحكومة والدوائر الرسمية هي الطليعة الأولى في مكافحة الشائعة، وحائط الصد الأول في ردها وتقليل فداحتها ومحاصرتها. فما أن تغيب المعلومة الشافية عن الجهة المخول لها أو مصدرها الرئيس أو صناع الحدث والخبر الأصليين، تجد الشائعات والمعلومات المضللة والأخبار الكاذبة بيئتها لتنمو وتزدهر وتسيطر على
المشهد والمسمع العام، وتؤثر على المواطنين.
فليكن ديدن الحكومة والسلطات المختصة هو المبادرة أولاً وعدم الانتظار وما عاب الناس الحكومات إلا حين تتباطأ وتتأخر في قول ما، عندها أو الإفراج عن المعلومات المفيدة التي بحوزتها.
من الضروري جداً أن نشيد هنا بالهطوة المهمة والتوجيه التاريخي لمولانا بروفيسور حيدر دفع الله رئيس القضاء بالتشديد في العقوبة في جرائم المعلوماتية، فالصوت الملازم لسرعة بث الأخبار والروايات الرسمية من الجهات المأذون لها ونظام الأخبار، هو القانون الرادع والعقوبات المغلظة والزواجر من إجراءات لمحاصرة
الشائعات ومكافحتها ومحاربتها في مهدها.
دون ذلك من إجراءات لن تكون مفيدة مهما تعددت الوسائل التقنية وفلترة وتنقية المحتوى الإلكتروني أو الرقابة على النشر، فكلها تدابير لكن التدابير الأنجع والأنفع هي ما ذكرناه هنا ونكرره لابد من محاصرة الشائعات بالحقيقة ومنافسها في سرعة الولادة والانتشار، ثم الروادع من الأحكام القضائية والزواجر.
x

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة