قراءة لزيارة الكسندر م. لاسكاريس قائد ثاني القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا

«افريكوم » في الخرطوم . . للمصالح بوابات أخرىتترقب الخرطوم الزيارة غير المسبوقة لألكسندر م. لاسكاريس قائد ثاني القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا المعروفة اختصارا بقوات «اليو اس افريكوم » وهي وحدة مكونة من قوات مقاتلة موحدة تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية
مسؤولة عن العمليات العسكرية الأمريكية في افريقيا وعن العلاقات العسكرية مع 53 دولة أفريقية ، حيث يعتقد الخبراء الأمنيون أن خطوة كهذه ومن مسئول أمريكي أمني رفيع لابد وانها تحمل مطلبا بذات الحجم الكبير وعلى الخرطوم أن تضع الطلب الثمين لاسيما وأنها تمتد في العمق الافريقي والعربي ناتج من موقعها الجغرافي الاستراتيجي والمميز كما تبدو الخطوة والتي تأتي كنتاج للتقارب بين البلدين وذلك تحت رهان واشنطن على أن تلعب الخرطوم أدوارا أمنية متقدمة على قواعدها العسكرية في الاقليم .

وسيلتقي المسؤول الأميركي وزير الخارجية ابراهيم غندور، الذي قال إن المباحثات مع القائد بأفريكوم ستناقش «جملة من الموضوعات ذات الصلة».
وقال بيان عن السفارة الأميركية في الخرطوم ، إن المباحثات المرتقبة ستناقش «مجالات التعاون ذات المنفعة المتبادلة للسودان والولايات المتحدة وتحديد سبل العمل معا لتحسين الأمن والازدهار في المنطقة».
وحسب البيان فإن الزيارة تمثل «فرصة لبحث عدد من المجالات الرئيسية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك التقدم المستمر الذي يحرزه السودان في تحسين وصول المساعدات الإنسانية؛ وتحقيق نهاية مستدامة للصراعات في دارفور و «المنطقتين» – جنوب كردفان والنيل الأزرق- والشؤون الأمنية الإقليمية». ويعتبر السفير لاسكاريس أكبر مسؤول مدني في «أفريكوم»، وهو يزور السودان للمرة الاولى.
ومن أسباب إنشاء أفريكوم العديدة والتي تكمن وراء إنشاء القيادة الأمريكية في أفريقيا، تأتي في مقدمتها تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي في الصحراء الأفريقية و تزايد الاعتماد الأمريكي على مصادر الطاقة الأفريقية الى جانب زيادة الضغوط على قوات «كينتكوم» و«إيوكوم» نتيجة للحرب في العراق وأفغانستان فضلا عن نمو العلاقات بين الصين والدول الأفريقية،حيث تعتبر ثالث أكبر شريك تجاري مع أفريقيا بعد الولايات المتحدة وفرنسا، وأن بكين المستورد الرئيسي للنفط الأفريقي ـ وقد ساهمت أيضا بنحو 150 جنديا في بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام في أنحاء القارة عام 2004.
مهام أفريكوم
عن مهام هذه القيادة الجديدة بأن القيادة الجديدة ستكون مهمتها زيادة التعاون الأمني والشراكة مع دول القارة الأفريقية، فإن «أفريكوم» ستعطي أيضًا الولايات المتحدة مزيدًا من الفاعلية والمرونة في التعامل مع الأزمات المحتملة في أفريقيا.
ويشير خبراء أمنيون أن واشنطن تراهن على مقدرة الخرطوم على لعب ادوار أمنية متقدمة في افريقيا ومتقدمة أيضا على أدوار قواعدها العسكرية في البلدان العربية أو تلك المنتشرة في بقية أنحاء العالم ، سواء فيما يخصُّ التصدّي لنفوذ الجماعات الإرهابية في أفريقيا، أو حماية المصالح الأمريكية النفطية وممرات المرور الدولية في البحر الأحمر والى التعاون في قضايا تُشكّل التزاماً أخلاقياً للسودان في محاربة الجرائم العابرة للحدود مثل الإرهاب والهجرة غير الشرعية ودعم الحركات السالبة وتجارة السلاح وغسل الأموال».
قال الخبير الأمني والسياسي اللواء «م» فضل الله برمه ناصر ان الولايات الامريكية المتحده تمتلك مسرح عمليات في كل العالم جنبا الى جنب مع ارتباط مصالحها السياسية مع دول العالم،وزاد يقول وان دعتها الناحية الأمنية فانها تفعل ولذلك تسعى لبحث مواقع شتى .
وتوقع برمه في حديثه لـ«الصحافة » أمس عبر الهاتف أمس انه ربما تبحث أمريكا عن قاعدة عسكرية لها في السودان اسوة بعملية النجم الساطع في بورتسودان وذلك ابان حكم الرئيس الراحل جعفر نميري ، وأضاف «لاسيما و ان البلاد تتميز بالموقع الاستراتيجي المهم في المنطقة وصاحبة امتداد في العمق الأفريقي والعربي »، وأشار الى القواعد الأمريكية في بعض الدول وقال من الطبيعي ان يكون هناك مناقشة القضايا الثنائية بين البلدين لكن العالم ينظر الى مصالحه في سياساته الخارجية وزاد لايوجد شئ بالمجان وحول ان كان الهدف المرجو من الزيارة هو قيام قاعدة عسكرية في البلاد قال برمه ان المسألة في كلياتها تحتاج الى دراسات قبل رده على قضايا ذات طابع أمني، لكنه استطرد وقال ان المطلوب جيد لكن الحذر مطلوب حال وافقت الخرطوم على عرض متوقع ان تقدمه أمريكا لقيام القاعدة العسكرية وذلك لاعتبارات كثيرة منها ان امريكا ، وأشار في معرض رده على سؤال «الصحافة » الى ان الدخول مع أمريكا في حلف أمني يحتاج الى التخطيط والدراسات.
وشهدت البلاد خلال العام زيادة للزيارات المتبادلة لمسئولين أمنيين رفيعي المستوى بين واشنطون والخرطوم وآخرها زيارة مدير المخابرات السودانية «محمد عطا المولى» إلى واشنطن بدعوة رسمية من نظيره الأميركي «مارك بومبيو»، كما تبادلت الخرطوم وواشنطن إرسال ملحق عسكري لسفارتي البلدين، وقال الملحق العسكري بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالسودان، جون بونق، عقب وصوله الى الخرطوم ، إن الحكومة السودانية متعاونة» في مجال مكافحة الإتجار بالبشر واجتمع بقيادات أمنية عليا في مقدمتهم وزير الدفاع، وشارك في عدد من الأنشطة آخر تمرينات مخالب النسر لمكافحة الإرهاب بجنوب دارفور في المقابل وكان قد وصل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، الملحق العسكري بسفارة السودان العقيد ركن، أبوذر دفع الله الأمين،بعد اغلاق الملحقية العسكرية طيلة السنوات الـ«28» عاما حيث أكدت الخرطوم أن»الخطوة تؤشر لعودة استئناف التعاون العسكري ولو في حدود رمزية لكنها تعزز من توجهات تطبيع العلاقات بين البلدين».
يذكر أن القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا «أفريكوم» هي وحدة مكونة من قوات مقاتلة موحدة تديرها وزارة الدفاع الأميركية، وتوكل إليها مسؤولية العمليات الأميركية والعلاقات العسكرية مع 53 دولة أفريقية.
وتأسست القيادة الأفريقية في مطلع أكتوبر 2007، مؤقتا تحت القيادة الأميركية لأوروبا، والتي كانت لأكثر من عقدين مسؤولة عن العلاقات العسكرية الأميركية مع نحو 40 دولة أفريقية، وبدأت القيادة الأفريقية نشاطها رسمياً في 2008.
وكان السودان قد شارك في أبريل الماضي للمرة الأولى في مؤتمر لقوات اليو اس افريكوم عقد بمدينة شتوتغارت الألمانية.
يقول الخبير الأمني اللواء «م» محمد الأمين العباس ان السودان له مهمة مسئوليات أمنية في افريقيا وهو ضمن القوة التي تضم الشمال والوسط الأفريقي لدول لذلك فان التقييم الجديد للسودان اصبح تابعا للمنطقة الافريقية مما يمنحه القدر الأكبر للعب دور أكبر في المحور الأمني.
وقال ان الجيش السوداني يحظى باحترام من امريكا وذلك لما يتمتع به من انضباط ومستوى عالى من المشاركات القتالية واجادة فنونها كما انه على قدر كبير من التدريب العالي حيث شارك بقوة في عمليات عسكرية خارجية مثلا عملية « النجم الساطع » في الثمانينات حيث كنت من ضمن الهيئة العليا التي تخطط للعملية مع اللواء بدوي المبشر .
وأضاف ان الجيش السوداني تدرب على المظلات الامريكية وتفوق عليه خاصة في عملية النزول ، وقال ان علاقة الجيش السوداني والجيش الامريكي كانت جيدة وكان هناك تعاون عسكري حيث منحت امريكا السودان معدات عسكرية بقيمة «50» مليونا لعمليات جبل بومه في جنوب السودان ابان تمرد الحركة الشعبية بقيادة الراحل جون قرنق، واضاف ان مستوى تدريب القوات السودانية المسلحة اعلى من الجيوش الافريقية و يعطيه اسبقية وكان يمكن ان يبني علاقة بصورة افضل بين البلدين وان يكون السودان المقر للقيادة لكن هذا يتوقف على السياسة العليا للدولة ومتطلبات السياسة والاستراتيجية
و عرف عن الجنود السودانيين شراسة القتال وقوة الصبر وهي إحدى السمات التي شهدت بها حروب شارك فيها مثل حرب جنوب السودان و الحرب العالمية الثانية حيث شاركت فرق منهم في معارك بالمكسيك عندما كان السودان محتلا من قبل بريطانيا، وقد شارك في عدة عمليات خارجية وداخلية انتهى بعضها بدحر العدو كما حدث للايطاليين – الذين كانوا يحتلون اريتريا- عندما حاولوا مدينة كسلا في شرق البلاد، ذلك الانتصار الذي ألهم رئيس الوزراء البريطاني تشرشل وجعله يعدل عن الاستسلام للألمان كما صرح بذلك لاحقا.
لعب الجيش السوداني أدوارا إقليمية ودولية، فقديما شاركت وحدات سودانية ضمن الجيش المصري في حروب محمد علي باشا خديوي مصر في سنتي 1854 م، و1856 م، في القرم إلى جانب تركيا، ثم في المكسيك سنة 1862 م، عندما طلبت كل من فرنسا وإنجلترا وإسبانيا من خديوي مصر إرسال فرقة من السودانيين لحماية رعاياها ضد العصابات المكسيكية. وفي الحرب العالمية الأولى أرسلت بريطانيا فرقتين من الجنود السودانيين إلى جيبوتي بناء على طلب من فرنسا لتحل محل الجنود السنغاليين هناك.
وعندما تم تأسيس قوة دفاع السودان نواة الجيش السوداني الحالي في سنة 1925 اشتركت فرق منها في العمليات الحربية في الحرب العالمية الثانية حيث قاتلت ضد الإيطاليين في إريتريا وإثيوبيا واوقفت تقدمهم في جبهتي كسلا والقلابات، وأبلت بلاء حسنا في معركة كرن في إريتريا، كما شاركت في حملة الصحراء الغربية لدعم الفرنسيين حيث رابطت في واحتي الكفرة وجالو في الصحراء الليبية بقيادة القائد البريطاني أرشيبالد ويفل، وفي العلمين لوقف تقدم الجنرال الألماني رومل الملقب بثعلب الصحراء، كما شاركت في حرب فلسطين عام 1948 م، بحوالي 250 جنديا.
وفي حرب أكتوبر / تشرين الأول 1973 م، ارسلت الحكومة السودانية قوة قوامها لواء مشاة إلى شبه جزيرة سيناء. وشاركت القوات المسلحة السودانية أيضا في عمليات دولية تصب في مساعي حفظ السلام والاستقرار كما في الكونغو البلجيكي عام 1960 وفي تشاد عام 1979 وفي ناميبيا في 1989 م، وفي لبنان ضمن قوات الردع العربية لحفظ السلام تحت لواء جامعة الدول العربية، وشاركت في عملية إعادة الحكومة المدنية في جمهورية جزر القمر حيث ساهمت قوات المظليين السودانية في استعادة جزيرة انجوان وتسليمها لحكومة جزر القمر عام 2008 .
ويشارك الجيش السوداني ببسالة في قوات عاصفة الحزم مع قوات عربية لاعادة الامل في اليمن ضد الحوثيين وسرعان ما استجاب السودان لنداء وجهه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ببدء عملية «عاصفة الحزم» ضد الحوثيين في اليمن.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة