خسائر واشنطن إذا قررت الإبقاء على العقوبات!

خسائر واشنطن إذا قررت الإبقاء على العقوبات!

 إذا ساورت الإدارة الامريكية أي نوايا لإبقاء العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب على السودان لسبب أواخر كما فعلت ذلك مع كوبا، فإن علاقات البلدين هذه المرة لن تكون كما كانت في السابق، ذلك ان الولايات المتحدة في السابق كانت تختط نهج
الوعود المتكررة والكلام المعسول ولكنها ومنذ ان دخلت في تفاوض خاص أسفر عن قرار بتعليق العقوبات لـ6 أشهر ثم 3 أشهر فإنها عملياً ألزمت نفسها بجدول زمني لا بد ان يفضي في خاتمة المطاف إلى نتيجة نهائية.
وعلى ذلك فإن المأزق الآن هو مأزق  الإدارة الامريكية، اذ عليها ان تورد مبررات موضوعية مقنعة تجعلها تلغي هذا الجدول الزمني، وحتى لو واستخدمت هذا الجدول الزمني مراراً وتكراراً بغرض التسويف والمماطلة، فإنها بذلك تقضي على مصداقيتها من جهة وإمكانية حصولها على أي مصالح من السودان حاضراً أو مستقبلاً من جهة أخرى.
ولمن لا يعرف فان الولايات المتحدة لم تتوصل لقرار رفع العقوبات رفعاً مشروطاً بمطلوبات 5 من فراغ، او لمجرد إرضاء السودان فهي فعلت ذلك وعينها على مصالحها سواء تمثلت تلك المصالح في حاجتها لشديدة لعون السودان في حل الأزمة في دولة الجنوب، أو في استقرار السودان نفسه واستقرار الإقليم او الدور الذي يلعبه السودان في دعم حلفائها في المنطقة، خاصة المملكة العربية السعودية.
 المهم ان الولايات المتحدة على اية حال مدفوعة بهذه الدواعي الاستراتيجية والمصالح المهمة مضطرة لإنهاء ملف العقوبات على السودان وهي حين تفعل ذلك لا تفعله من منطلق إكرام او تبرع او منح جائزة. من جانب آخر فإن الإدارة الامريكية تعرف لهفة الشركات الامريكية للاستثمار في السودان في المجالات المختلفة. الاحتياطي النفطي في السودان مغر وشركات النفط الامريكية تعرف ذلك
احتياطي المعادن أكثر اغراءاً والشركات الامريكية يجتذبها بريق الذهب الخلاب. بل لا نغالي أن قلنا ان الوفود الامريكية منذ قرار التعليق المشروط في يناير الماضي ظلت تتوافد على السودان باحثة عن مجال استثماري، وقد صرح وزير الاستثمار، نائب رئيس الوزراء مبارك الفاضل ان وفداً استثمارياً أمريكاً زار السودان في وقت متزامن مع قرار تمديد المهلة ولم يكن منزعجاً لقرار التمديد ولا أبدى تخوفاً من عدم رفع العقوبات!
 إذن مجمل القول ان قرار الرفع وصل إلى مرحلة يصعب على واشنطن التراجع عنها مهما كانت المبررات. أما فيما يلي السودان فإنه أصلاً ومنذ العام 1997 عام فرض العقوبات ظل متعايشاً معه هذه العقوبات وكيّف نفسه عليها وكان من الملاحظ ان واشنطن هي التى كانت تستثني من حين لآخر مجال من مجالات الحظر، تارة الصمغ العربي، تارة الالكترونيات، وهكذا أي إن واشنطن هي التى كانت تتململ من عقوباتها!
السودان أيضاً قادر على إيجاد البدائل الاستراتيجية التى بإمكانها إثارة قلق واشنطن، وسبق ان تألمت واشنطن جراء سيادة الاستثمار الصيني في السودان وتوغله في عمق أفريقيا، بحيث أصحبت أرجاء واسعة من أفريقيا تحت يد الصين. كذلك هناك دور السودان الفاعل التى تبدو واشنطن في حاجة ماسة اليه لإعادة الاستقرار في دولة جنوب السودان لأنه سيكون صعباً ان تستفيد واشنطن من السودان في الملف الجنوبي هكذا مجاناً، على ذلك فإن الطرف الذي واقعٌ الآن الضغط عليه هي واشنطن، لان السودان نجح في جر واشنطن لدخول المضمار صار يتعين عليها خوض المباراة إلى نهاياتها أو الخروج مهزومة!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة