التمرد الذي يحمي النظام..!!

  1. لو أردنا أن نعلق على خطاب الرئيس البشير في افتتاح كوبري سوبا بأقصر الجمل، سنقول إن البشير حين صعد لمخاطبة الجماهير التي يريد أن يهدي إليها وردة إنجاز تخفف من تعابير الشقاء المرتسمة على وجوههم، رفع من جرعة الخطاب
  2. الإيماني اليقيني وهو يشكرهم على صبرهم ويقينهم بالله، وكذلك ذكّرهم ببعض أسباب هذه الضغوط الاقتصادية التي يعانونها وتعانيها الدولة من حصار اقتصادي خارجي لا يزال قائماً، وتحديات أمنية، وتشتت سياسي داخلي لا يزال موجوداً ومؤثراً .
  3. والملاحظ أن البشير الذي استخدم في خطابه لغة زاهدة في أمريكا وتحداها ولم يتفادَ توجيه النقد لها على نهج المماطلة والابتزاز الذي تمارسه بتأجيل رفع العقوبات الاقتصادية، كان بالمقابل أكثر حرصاً على مخاطبة أطراف الأزمة السياسية الداخلية من قوى المعارضة والمتمردين بلغة هادئة، فدعاهم لأنْ يلعنوا الشيطان حتى تجتمع كلمة السودانيين ويحدث الوفاق.
  4. هذا التجديد لدعوة القوى المعارضة والمتمردين لتحقيق السلام وإنهاء الحرب لم يصدر عن الحكومة وهي في حالة هزيمة أو ضعف في الميدان، بل انطلق من موقع قوة وسيطرة حقيقية في مقابل تراجع كبير وملحوظ في قدرات الحركات المسلحة والمتمردين على المستوى الميداني .
  5. حكومة السودان نعم هي تواجه ضغوطاً اقتصادية انعكست على حياة المواطنين وظهرت ملامحها في معظم مستويات الحياة، لكن الواقع يقول إن الحكومة لم تترك الوضع الاقتصادي ينعكس على الجانب الأمني والعسكري وعلى موقفها الميداني، فهي مسيطرة تماماً على الأوضاع في مناطق الحرب وفي أفضل أحوالها أمام التمرد، حتى ولو كانت تلك السيطرة الأمنية على البلاد يتحمل المواطن فاتورتها فإن خطاب الرئيس يجعل المواطن لا يرسل الفاتورة للحكومة التي تجدد الدعوة للم الشمل برغم موقفها الجيد ميدانياً، بل يرسل فاتورة المعاناة هذه للطرف الآخر المتمرد، وبالتالي فإن مواجهة التمرد مهما كلفت الحكومة وكلفت المواطن، فإن تجديد مثل هذه الدعوة يخلي مسؤولية الحكومة أمام المواطن ويجعل اللوم على تلك القوى المتمردة التي مثلما لم تحقق انتصاراً في الميدان، فإنها لن تحقق النتيجة التي تتخيلها أو يتخيلها بعض ساسة المعارضة، بأن تتسبب الحرب في إسقاط النظام .
  6. إن فرص إسقاط أي نظام سياسي لا يواجه تمرداً عسكرياً ولا ضغطاً خارجياً أكبر وأكثر بكثير من فرص إسقاط نظام سياسي يواجه مثل هذه الظروف، حتى ولو كان يوجه كل ميزانيته لتحقيق الأمن .
  7. وحتى ولو كانت هناك ملاحظات أخرى من الجماهير على سياسات هذا النظام الذي يواجه تمرداً وتحديات أمنية وعسكرية مستمرة .
  8. لكن للأسف هذا الدرس البسيط لا يستوعبه قادة التأزيم السياسي والأمني والعسكري، الذين كلما جمعوا عدتهم وعتادهم العسكري وشنوا هجمات جديدة، مددوا عمر النظام الذي يريدون إسقاطه سنوات وسنوات أخرى .
  9. x

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة