القمة الإفريقية التى تحمل الرقم 29 للاتحاد الافريقي المنطلقة الآن بمقر الاتحاد الافريقي بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا يمكن اعتبارها واحدة من سلسلة قمم افريقية عديدة سبقت، كان للسودان فيها دوراً فاعلاً ومؤثراً في الدفع بأنشطتها وتحقيق
نجاحات على مستوى دول القارة وعلى المستوى الدولي وعلى مستوى السودان نفسه وقضاياه و مشاكله.
فعلى مدى السنوات السابقة استطاع السودان أن يحقق انجازات ملموسة ذات طبيعة إستراتيجية هامة: أولاً، نجح السودان في خلق رأي عام إفريقي قوى داخل دول الاتحاد بعدم التعاون مع محكمة الجنايات الدولية باعتبارها محكمة ذات بعد عنصري واضح هدفها الأساسي ملاحقة قادة الدول الإفريقية و إذلالهم.
القادة الأفارقة أنفسهم سرعان ما ثبت لهم صحة منطق السودان وحجته، فمن بين كل دول العالم لم تزد الملفات الموضوعة على طاولة لاهاي عن دول القارة الإفريقية. لقد ثابر السودان وعمل بدأب شديد على إثبات هذه الحقيقة المفجعة والتى ثبتت للقادة الأفارقة ودفعتهم لمقاطعة المحكمة وعدم التعاون معها، بل التفكير في اتخاذ قرار خروج جماعي عن ميثاق المحكمة.
هذه النجاحات السودانية ليست نجاحاً خاصاً للسودان بل هي في واقع الأمر نجاح للعمل الافريقي المشترك و تحقيقاً لأمن واستقرار القارة الإفريقية التى عانت في السابق من المستعمر وهاهي اليوم تعاني من ألاعيب المستعمر التى تتخفى في صورة شتى من بينها هذه المحكمة.
ثانياً، نجح السودان بدبلوماسيته الهادئة في بلورة موقف إفريقي تبناه رسمياً مجلس السلم الافريقي بتخفيض قوات حفظ السلام في إقليمه بدارفور وبداية الخروج التدريجي لهذه القوات من الإقليم. ثمرة هذه الجهود التى تبلورت بداية في مجلس السلم الافريقي كانت تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع لقرار المجلس الافريقي بتخفيض نسبة قوات حفظ السلام إلى 50% ، وهذا النجاح دون أدنى شك لا يصب فقط في مصلحة السودان الخاصة، فهو يصب في مصلحة الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، إذ أن وجود قوات حفظ سلام دولية بهذا العدد الكبير في دولة افريقية يمس السيادة الوطنية لدول القارة.
إذن لقد حقق السودان نجاحاً كبيراً من شقين: الشق الأول حين نجح في بلورة رأي إفريقي بضرورة تخفيض هذه القوات ممثلاً في تبني مجلس السلم الافريقي لهذه الرؤية، والشق الثاني، متمثلاً في جعل مجلس الأمن يتبنى قرار مجلس السلم الافريقي ويوافق عليه بالإجماع، فقد ثبت هنا أن رؤية مجلس السلم الافريقي محل احترام واعتبار دولي بدليل موافقة مجلس الأمن الدولي عليها بالإجماع، بما قد يؤسس إلى إيجاد مصداقية دولية لمجلس السلم الافريقي لدى مجلس الأمن مستقبلاً وهي قضية حققها السودان و نجح فيها بجهده الدبلوماسي.
ثالثاً، نجح السودان ايضاً في بلورة رأي إفريقي يجعل من الحركات المسلحة في الإقليم حركات سالبة تخصم من الرصيد الأمني لدول القارة و تؤثر على استقرارها، وهذا ما هو واضح من خلال ما يشاهد الآن من ادوار قذرة تقوم بها هذه الحركات المسلحة في دول الجوار في كل من جنوب السودان وليبيا، وهذا من شأنه ان يجعل المجتمع الدولي يلتفت باهتمام إلى ضرورة مواجهة هذه الحركات المسلحة والحد من أنشطتها وأعمالها السالبة.
وهكذا يمكن القول إن السودان لديه أثره وتأثيره الواضح وبصمته المتفردة، في إدارة دفة العمل الافريقي المشترك ولذا فإن هذه القمة التاسعة والعشرين تكتسب أهمية وميزة إضافية من واقع كونها تأتي ضمن سياق نجاحات مبشرة يحققها السودان و تحديات مهمة من المنتظر ان تتحقق من وراءها نجاحات تلو النجاحات.
x
تعليقات
إرسال تعليق