الانفجار المتوالي والذي من الصعب أن يتوقف في الحركة الشعبية قطاع الشمال بلا شك (نهاية طبيعية ومتوقعة) لمنظومة مسلحة، تأسست من الأساس وفق رؤى ضيقة ومحدودة ضد طبيعة الأشياء وضد ا لتاريخ.
ومهما غالط البعض وكابر، فإن الحركات السودانية المسلحة بلا أدنى استثناء وفي مقدمتها الحركة الشعبية لم تنشأ عبر واقع سياسي موضوعي على الاطلاق. مجرد شعور عنصري ضيق وعدم رضا بواقع، قادهم إلى حمل السلاح ثم تطر والشعوو في الاذهان إلى التطلع لإقامة دولة مستقلة!
هذا المفهوم الخاطئ تماماً لان الدول و الشعوب إنما تنشأ وفق قاعدة التنوع والتعدد والتناقضات. لا أحد بوسعه بناء دولة (بصفاء ونقاء عرقي خالص)! لا توجد على سطح الكرة الارضية دولة تتمتع بنقاء عرقي. الأكثر مدعاة للألم ان الحركة الشعبية الحاكمة في دولة الجنوب كان قد أسست مشروعها السياسي على هذا الأساس المضحك، بإدعاء تباين شعب الجنوب ثقافة وعرقاً عن الشمال، ثم دانت لها دولة مستقلة فشلت أول ما فشلت في ادارة منظومتها العرقية والتى كانت تفترض أنها قادرة على التجانس والتعايش السلس.
الصراع الدائر الآن في دولة الجنوب أداره قادة الحركة ضد أنفسهم انطلاقاً من مشاعر قبلية محضة. ولهذا فحين يتفرج الوضع داخل الحركة الشعبية الابنة (قطاع الشمال) و يطمح الحلو في قيادة النوبة في (خيمة) منفصلة، فإن عقار هو الآخر في الغد القريب سوق يقيم (خيمة) لإثنيته الخاصة وهكذا طبيعة ثقافة قادة الحركة.
انشأوا منذ البداية منظومة عسكرية هائجة منطلقها الشعور بالتهميش، و الاحساس بمغايرة لون البشرة وغرابة اللسان وما دروا ان هذه هي طبيعة المجتمعات البشرية منذ ان وجدت على سطح البسيطة. تعدد ومغايرة قد تمنح قدرة على التعايش في دولة واحدة.
إذن الحركة الشعبية قطاع الشمال تأخر توقيت انفجارها، فقد كان التوقيت الصحيح ساعة اندلاع الحرب المجنونة بين الفرقاء الجنوبيين (ديسمبر 2013)، ففي ذلك اليوم و التاريخ الفاضح، بدت للجميع سوءة إقامة منظومة مسلحة من اجل فصل اقليم وإقامة دولة.
ومن أجل اعطاء أنفسهم شعوراً زائفاً بأنهم قادرون على تجاوز الآخرين، وكانت النتيجة ان الكل أدرك ضحالة الفكرة وسطحية المنهج. ولئن قال قائل أن الامر فيه تقسيم أدوار أو انه خدعة فأقل ما يهدم هذا التصور القاصر، ما يجري الآن بين فرقاء الحركة في دولة الجنوب.
ثم ما هي الفائدة من الظهور بمظهر كهذا في الوقت الذي فيه لا تملك الحركة الشعبية قطاع الشمال أدنى قدر من إمكانية تحلم حرب في مواجهة الجيش السودانية وقوات الدعم السريع. الحركة الشعبية الأم نفسها عانت الأمرّين في حربها الطويلة جراء مواجهة الجيش السوداني، ولو شعورها الضاغط بأنها لن تصمد في مواجهته طويلاً لما رضيت بالسلام. فما بالك إذن بإبنتها المحصورة فى شريط صغير في كاودا، الخروج منه يعني الهلاك، والبقاء فيه يقيد حركتها و يبقيها في حالة جمود ينتهي الى الفناء كما حدث لحركة عبد الواحد في جبل مرة!
واقع الأمر ان الحركة الشعبية قطاع الشمال ماتت –وكشأن الموت فإن هناك من يصدقه وهناك من لا يصدقه ولكنه يبقى حقيقة لا تحتمل التأويل!
تعليقات
إرسال تعليق