مآلات الأوضاع في دولة الجنوب.. السودان كان على حق

ما يجري في دولة جنوب السودان جراء الصراعات العبثية وغير المسئولة من قبل قادة الحركة الشعبية أثبت بالدليل للقوى الدولية التى ظلت تلاحق السودان وتدمغه بشتى اتهامات والنعوت، أن هذا البلد كان بريئاً جداً مما جرى إلصاقه عليه. كيف
ذلك؟ بنظرة عابرة إلى مآلات الأوضاع المزرية في دولة الجنوب يتكشف:
 أولاً، ان ممالأة حملة السلاح والسعي لإرضائهم ومساندتهم هذه هي نتيجته الحتمية، أن يدخل حملة السلاح -بذات سلاحهم- في صراع جانبي أشد ضراوة سعياً لتأكيد الذات وحسم أي خلاف عن طريق السلاح. فالحركة الشعبية الجنوبية ملأت الدنيا وشغلت الناس باختلاف الجنوب عن الشمال ثقافياً وتباينهما في كل شيء، ولكن بعد ان لقيت المساندة الدولية أعادت استنساخ ذات الأزمة فيما بينها فقضت على الدولة وبنيتها التحتية تماماً، جراء إنصراف أذهان قادتها إلى السلاح باعتباره العامل الحاسم الوحيد في حلحلة المشاكل.
ثانياً، حتى ولو تم التوصل إلى سلاح ووقف الصراع فإن مخلفات الصراع النفسية والاجتماعية بين المكونات الجنوبية عسيرة على الاندمال والبُرء. فقد تبين ان العامل القبلي أشدة ضراوة من عامل التباين الثقافي ما بين مسلم ومسيحي، أو مسلم ووثني أو لا ديني.
ثالثاً، العامل الديني بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب فيما جرى من حرب بين شطري السودان شماله وجنوبه، بدليل إن الحرب استمرت في الجنوب بوتيرة اكبر وعنف ظاهر وما تزال ومواقدها مشتعلة، هل يمكن القول في هذه الحالة إن الحركة الشعبية الحاكمة فيها مسيحيون يقاتلون وثنيين أو لا دينيين؟
إذن ما يستخلص من هذا الوضع إن الحكومة المركزية في السودان كانت تسعى لإخماد عمل مسلح يهدد الأمن القومي للدولة ودول الجوار. لم تكن حرباً دينية ولا كانت حرباً ضد مسيحيين أو غير مسلمين، ولو تُرك السودان وشأنه لكان قد تم وضع حد لمثل هذه التمرد المسلح بدلاً من ان تكون النتيجة هي ان ينبثق من التمرد تمرداً ثم تمرداً حتى بعد أن تم فصل الإقليم وفى الوقت نفسه يستمر جزء من التمرد والعمل المسلح في الأجزاء المتاخمة للدولة الوليدة ضد الدولة الأم!
وأسوأ من كل كذلك ان ينتهي الأمر بحملة السلاح في دارفور بأن يصبحوا مرتزقة، مقاولي حروب وتجتذبهم الصراعات. كل هذا ما كان ليحدث ويتفاقم على هذا النحو المؤسف لو لم تتبنى القوى الدولية مواقف وآراء حملة السلاح الخاطئة، وغل يد الدولة السودانية من حفظ أمنها.
لقد أثبتت أحداث دولة الجنوب -ببساطة متناهية- ان السودان وحكومته المركزية كانا على حق حين حاربا التمرد المسلح لتحاشي ما يحدث الآن من أوضاع لا تدري هذه القوى الدولية كيف تتخلص منها!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة