رعد الشمال يصم آذان قطاع الشمال!

بغض النظر عن دوافع السودان الاستراتيجية والتي عادة ما لا تفصح عنها المؤسسات المعنية بحال من الأحوال جراء مشاركته في مناورات (رعد الشمال) التي جرت مؤخراً في منطقة (حفر الباطن) بالمملكة العربية السعودية بحضور قادة المملكة وبعض رؤساء الدولة وقادتها العسكريين وبمشاركة لافتة من الرئيس البشير؛ بغض النظر عن المزايا الاستراتيجية بالنسبة للسودان التي حققتها هذه العملية، فإن هذا الحضور العسكري السوداني في مثل هذه المحافل العسكرية يحقق للسودان مزايا أخرى أكثر أهمية تتيح لهذا البلد الذي عانى الأمرّين من أعدائه وأبنائه المتحالفين مع أعداه ان يعزز أداؤه السياسي والعسكري بما يرجح كفة الميزان لصالحه في الصراع الذي ظل يخوضه لأكثر من نصف قرن مع قوى ظاهرة و أخرى مستترة إقليمياً ودولياً.
أولاً، الجيش السوداني عزز أداؤه القتالي عبر زيادة جرعات الأداء الميداني الواسع والمتطور والمقترن بأسلحة متطورة أجاد وأبدع في التعاطي معها.
ثانياً، وجود السودان ضمن محيطه العربي بهذه الكثافة وهذا الحضور بطبيعة الحال يقلل الى أدنى حد فرص إمكانية إعادة حياكة المؤامرات (المكشوفة) القديمة ضده. فالقوى الدولية الكبرى التى هالها ما رأت من أداء الجيش السوداني ضمن منظومات عسكرية عربية عالية التسليح والتدريب سوف تفكر ألف مرة إذا لم تصرف النظر تماماً عن ترك حملة السلاح في السودان لمواجهة جيش لديه كل هذه القدرة والمهارة.
ثالثاً، قطاع الشمال والذي يسعى جاهداً للمحافظة قدر الامكان على وجوده العسكري في الميدان لأغراض التفاوض هو أتعس الأطراف بهذه المناورات لأنها: 1. تمنح الحكومة السودانية ميزة إقليمية وبالضرورة دولية، تجعل من إمكانية بقاء قوات قطاع الشمال سليمة أمراً في حكم المستحيل، كما أن إمكانية قيام قوات القطاع بأي عملية كما كانت تفعل في السابق لتحسين وضعها على مائدة التفاوض أمر دونه خرط القتاد. 2.الولايات المتحدة وثيقة الصلة بالمملكة العربية السعودية ومن الصعب العبث بهذه العلاقة مضطرة الآن لوضع ألف حساب للسودان في ظل وجوده ضمن التحالف وفي ظل تفاعله مع قضية هي بالتأكيد تستأثر باهتمام القوى الدولية العظمى. 3. في ظل تعقيدات داعش والصراع بين الشيعة والسنة المتمثل في المواجهة الجارية في الميدان فإن الولايات المتحدة باتت ترى قضية قطاع الشمال، قضية أقل شأناً من أن توليها اهتماماً بالقدر الذي يرجوه قادة القطاع الذين وضعوا كل البيض في السلة الأمريكية.
واخيراً فإن قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال من المؤكد أنها أصيبت في صميم خبرتها العسكرية وهي ترى أداء الجيش السوداني الرفيع في هذه المناورات. الجنود غير النظاميين الذين يعتمدون تكتيك حرب العصابات في الغالب سوف يصابوا بجزع كبير اذا ما أمعنوا النظر في أداء جيش نظامي عريق ضمن نسق لجيوش أخرى بذات احترافيته وأدائه. رعد الشمال فى الواقع رعود عسكرية أصمّت آذان قوات الحركة الشعبية قطاع الشمال.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة