تخابر المعارضة مع القوى الاجنبية

من المدهش أن تتحدى قوى المعارضة من يتهمونها بالإعلام مع مخبرات أجنبية وتطالبهم بتقديم الدليل! فعوضاً عن أن السيد لمبارك الفاضل تطوع بتقديم الدليل عبر اعتراف واضح موثق، فإن أدنى صاحب بصيرة لا يمكنه أن يتصور كيف تعقد قوى سودانية معارضة مؤتمراتها (نداء باريس) أو (ميثاق الفجر الجديد) أو مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية 1995 أو غيرها من اللقاءات العديدة في أديس وكمبالا ونيروبي وإنجمينا في أفخم الفنادق وفي (وسط البلد) كما يقولون دون أن يستبق ذلك ادني تنسيق بينها وبين السلطات الأمنية والمخابراتية في تلك الدول؟
مبارك الفاضل في معرض تبريره للقاءات قوى المعارضة بمسئولي مخابرات تلك الدول، فقال إن الرئاسة هناك أو الخارجية تقوم (بإحالتهم) إلى مسئولي المخابرات للتباحث معهم! وكأن مبارك الفاضل -بهذا التبرير- يحاول الإيحاء بأنهم كانوا يفضلون أن يتباحثوا مع رؤساء الدول أو وزراء خارجيتهم. ونسي الرجل أو تناسى أن الرئاسة والوزارات السيادية في أي دولة لا يمكنها أن تتعامل مع (معارض أجنبي) وتلتقيه وتتباحث معه! فهو ليس سلطة حكومية ولا يمكن اعتباره شخصاً رسمياً مسئولاً.
هذه بديهيات لا تحتاج لكي نشير إليها ولكن ماذا نفعل مع مبارك الفاضل الذي يساوره الاعتقاد أن الآخرون ليسوا بدرجة ذكائه و قدراته الفذة!
الأمر الثاني لنفترض أن دولة ما فتحت أبوابها على مصراعيها لاستقبال قوى المعارضة السودانية دون أن تجالسهم أو تأخذ منهم معلومات أو تستفيد منهم أدنى فائدة؛ لنفترض ذلك، جدلاً، ألا يمثل هذا المسلك والكرم الحاتمي المفترض فاتورة مستقبلية تتم مخالصتها مستقبلاً إذا دانت الأمور لهؤلاء المعارضين في بلدانهم خصماً على السيادة الوطنية للدولة؟ هل يمكن أن نتصور أن العلاقات الدولية قائمة على (الصدقات) و (الهبات) والمنح المجانية؟
الأمر الثالث كيف سيكون طبيعة الدليل الذي تطلبه قوى المعارضة؟ هل تريد (أذونات صرف مالية) من الدول التي أغدقت عليها المال وهيأت لها الفنادق للإقامة؟ أم تريد تفريغ لأشرطة التصنت التى تضعها عادة تلك الدولة في الأماكن التى تسمح فيها لقوى المعارضة بعقد اجتماعاتها؟ إن مطالبة بالدليل في مثل هذه الحالات إنما هو سلوك سياسي ساذج ينم عن محاولة يائسة للدفاع عن أمر مخجل.
الأمر الرابع إن من أطلق الاتهام في هذا الصدد وأهاج كوامن قوى المعارضة هو الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر، والشعبي كما يعرف القاصي والداني كان في يوم ما جزء من قوى المعارضة فيما عرف بقوى الإجماع الوطني ومن الطبيعي جداً وبحكم التحالف أن يحيط هؤلاء الشعبي بالكثير من خبابا قوى المعارضة عن قرب، ومن الطبيعي أيضاً أن تتوفر وثائق لا يتطرق إليها الشك .
وهكذا يمكن القول إن قوى المعارضة السودانية في وقاع الأمر ليس لديها ما تدفع به غائلة هذا الاتهام في ظل وجود كل هذه الشواهد والقرائن التي لا تحتمل أي تفسير مغاير!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

صناعة الزيوت في السودان.. التحديات والحلول

أطراف الصراع بجنوب السودان.. بين مطرقة التعنت.. وسندان الحرب

الحركات المسلحة في دارفور وفقدان البوصلة